ميّز الله تعالى الإنسان بأن جعل طبيعته متراوحة ما بين الخير والشر، فهذه الطبيعة المميزة لم تتح لأي مخلوق آخر، وهي تقتضي من الإنسان العمل وبذل الجهد لتقليل حجم الشر في نفسه، وزيادة حجم الخير، وكلما استطاع الإنسان أن يحرز تقدماً في ذلك، كلما استطاع أن يرقى بمنزلته في الدارين: الدنيا والآخرة.
من الصفات السلبية التي توجد في نفوس بعض الأشخاص صفتا البخل والشح، فقد اهتم المختصون ببحث الفرق بين هذين المصطلحين الهامين، حتى يتعرّف النّاس عليهما في محاولة لثنيهم عن كل تعرف ما هو سلبي، وشائن. وفيما يلي توضيح الفرق بينهما.
الفرق بين البخل والشح
اختلفت أقوال العلماء والمختصين في تحديد الفرق بين صفتي البخل والشح، فهناك من قال أنّ البخل هو أن يمنع الإنسان ما في يده عن الآخرين، في حين أنّ الشح هو أن يأكل الإنسان ما ليس له بالباطل، وقال بعضهم في الشح أنه طموح نفس الإنسان إلى ما في أيدي الآخرين.
هناك من ذهب إلى أن البخل هو أن لا يعطي الإنسان من ماله الذي يمتلكه، في حين أن الشح هو أن يمنع الإنسان مال غيره عن الآخرين. وقيل أيضاً أن البخل هو عملية منع المال عن الآخرين، أما الشح فهو حالة الإنسان النفسية التي تدفعه للقيام بذلك. وأخيراً ذهب البعض إلى القول بأن الشح هو السعي وراء شيء معين، وطلبه بشدة وإلحاح، أما البخل فهو منع الشيء بعد نيله والحصول عليه.
مهما كانت المعاني والفروقات بينهما، فإن كلا الصفتين تعتبران سلبيتان، وتنتقصان من مروءة الإنسان، وتحرمانه من الأجر العظيم عند الله تعالى، وتنشران عنه سمعة سيئة بين الخلائق، وتمنعان المساعدات عن المحتاجين مما يؤدي إلى تفشي المشكلات الاجتماعية، وانتشار الفساد في الأرض؛ فالله تعالى لم يعطِ الإنسان النعمة ليمنعها عن الآخرين ويحتكرها لنفسه، بل ليستفيد منها ويفيد الآخرين.
قد حذرت الأديان والقيم الإنسانية من مغبة التعامل مع الآخرين بهاتين الصفتين، لما لهما من أثر سيء وسلبي على مختلف الصعد، وفي مختلف المجالات، فهما تمنعان من اتصال الناس وتواصلهما، فتظن كل جهة من الجهات أنها مكتفية بذاتها، مع أنها في حقيقة الأمر لا تستطيع أن تعيش دون الجهات الأخرى.
من الملاحظ اليوم أن الأثر السلبي لصفتي البخل والشح لم يتوقف على المستوى الشخصي، بل امتد إلى المستوى العالمي، وهذا بالضبط ما يحدث اليوم من توزيع غير عادل للثروات، وتركيز موارد الكرة الأرضية في أيدي فئة محدودة جداً من الناس، في حين أن الآخرين يعانون من الفقر والحرمان.
