متى يكون الثلث الأخير من الليل

روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له"، نلمس من الحديث تعريف ومعنى الثلث الأخير من الليل: فهو الفترة التي ينزل فيها الله إلى السماء الدنيا، والعبادة فيه أكثر ثواباً.

قيام ثلث الليل الأخير من النوافل التي يثيب الله العباد عليها، ويباهي بهم أمام الملائكة، فيستجيب دعاء عباده، ويغفر ذنوب من لجأ إليه، ويحنو على المهمومين فيعطيهم فرحاً من واسع علمه.

ويكثر سؤال الناس عن موعد الثلث الأخير من الليل، وقد وضع علماء الشريعة طريقةً لحساب منتصف الليل وثلثه، وذلك لمساعدة العباد والتسهيل عليهم، فأما منتصف الليل فحسابه كالتالي:

• نتحرى وقت غروب الشمس ووقت طلوع الفجر بدقة.
• نحسب الفرق بين الوقتين.
• نقسم الناتج على 2.
• ثم نجمع ناتج القسمة إلى وقت غروب الشمس، فيكون وقت منتصف الليل.
• وهذا مثالنا للتوضيح والتبيان: نفترض أن وقت الغروب الساعة السادسة، وطلوع الفجر في الساعة الخامسة، ثم نطرح الوقتين من بعضهما، فيكون الناتج 11ساعة، نقسم 11 ساعة على 2، فيكون الناتج 5 ساعات ونصف، ثم نجمع الناتج إلى وقت الغروب الذي هو الساعة 6، فيكون الناتج 11:30، وهذا يكون وقت منتصف الليل.

ولمعرفة ثلث الليل الأخير بدقة نتبع ما يلي:

• نقسم ناتج الفرق بين وقت الغروب، ووقت طلوع الفجر كما مر بنا مسبقاً.
• نقسم ناتج الخطوة السابقة على 3، وهي تمثل الأثلاث الثلاثة لليل، فنحصل على ناتج هكذا: (11/3 = 3 ساعات و40 دقيقة).
• نطرح الناتج الأخير من ساعة طلوع الفجر (الساعة الخامسة - 3 ساعات وأربعين دقيقة)، فينتج وقت الثلث الأخير من الليل، وهو الساعة 12:20. وهذا التوقيت يتقلب بتقلب الوقت والمنطقة الزمنيّة.

ومن المستحب أن نردد هذا الدعاء: " ربي ها أنت ترى مكاني، وتسمع كلامي، وأنت أعلم من عبادك بحالي، ربي شكواي لك لا لأحد من خلقك، فاقبلني في رحابك في هذه الساعة المباركة، ربي إني طرقت بابك فافتح لي أبواب سماواتك، وأجرني من عظيم بلائك، اللهم يا مسخر القويّ للضعيف، ومسخر الجنّ لنبينا سليمان، ومسخر الطير والحديد لنبينا داود، ومسخر النار لنبينا إبراهيم، سخر لي عبادك الطيبين من حولي، وسهل لي أمري من حيث لا أحتسب، ربي بحولك وقوتك وعزّتك وقدرتك أنت القادر على ذلك وحدك لا شريك لك، اللهم إني أسألك بخوفي من عظمتك، وطمعي برحمتك أن ترزقني ما كان خيراً لي في ديني ودنياي، ومعاشي وعاقبة أمري عاجله و آجله، اللهم إني أشكو لك قلة حيلتي، وهوان أمري وضعف قوتي، اللهم إني أسألك أن تصرف عني شتات العقل والأمر والتفكير، ربي انصرني ولا تنصر علي، إلهي ارحم ضعفي، وفرج همي، واجبر كسري، وآمن خوفي، وأمطرني برزقٍ من عندك لا حد له، وفرجٍ من عندك لا مد له، وخيرٍ من عندك لا عدد له، وصلّ اللهم وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد".

من الممكن أن يقوم العبد في ساعات الثلث الأخير من الليل ويصلي، وهذا تعرف ما هو متعارف عليه باسم قيام الليل، بالإضافة لقراءة القرآن، والاستغفار، والتسبيح، والتهليل، وفي هذه الساعات يكون العبد قريباً من ربه، فلا يرده ويعطيه من فضله، وإذا أعطى أدهش وأرضى.

ومما سبق أصبح لدينا معرفة بوقت منتصف الليل، وثلثه الأخير، فلنغتنم هذه الفرص الربانية اليومية، فلعل في هذه الساعات المباركة يكون الفرج، وتأتي الاستجابة.