ممّا تنبّأ به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم افتراق هذه الأمّة فرقاً كثيرةً ، و قد حذّر النّبي الكريم من الانحراف عن منهج الله سبحانه و تعالى و دعا للتّمسك بكتاب الله و سنّته ، و ترك النّبي عليه الصّلاة و السّلام أمّته على الطّريق الواضح البيّن ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا منحرفٌ ضال ، و كانت بداية ظهور الفرق المختلفة بعد بروز الخلاف بين الصّحابة و خاصةً الخلاف المشهور في التّاريخ بين المسلمين بعد مقتل الخليفة الرّاشد الثّالث سيّدنا عثمان رضي الله عنه ، فتحزّب المسلمون فريقين فريقاً كان بقيادة سيّدنا معاوية رضي الله عنه دعا للانتصار لدم سيّدنا عثمان و الاقتصاص من قتلته قبل تنصيب حاكمٍ للمسلمين ، و فريقٌ آخر كان بقيادة سيّدنا علي ابن أبي طالب رضي الله عنه رأى أنّ تثبيت اركان الحكم و تنصيب الحاكم مقدّم على أيّ شيءٍ ، فدبّ الخلاف بين الفريقين و اشتد حتّى وصل إلى حد القتال بينهم ، و قد كان فريق التّشيّع لسيّدنا علي في بداية الأمر يرى أنّه أحقّ النّاس بالخلافة بعد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، و استمر هذا الفريق بالوقوف مع سيّدنا علي و مناصرته ، و لكن الانحراف الكبير في عقيدة طائفةٍ من هذا الفريق هو تبنّي عقائد و أفكارٍ بعيدةً عن منهج أهل السّنة و الجماعة تمثّلت فيما بعد بفرق الشّيعة المختلفة كالأمامية و الإثنى عشرية و غيرها .
و يحتفل الشّيعة في كلّ عامٍ في اليوم الثّامن عشر من شهر ذي الحجّة بعيدٍ يعتبرونه من الأعياد الدينيّة المقدّسة عندهم ، فيقيمون الشّعائر المختلفة و يصومونه و يتخلّل احتفالاتهم بهذا العيد مخالفاتٍ جسيمةٍ و أفعالٍ منكرةٍ ، و أصل هذا العيد عندهم يرجع إلى يوم الغدير و خطبة الغدير التي نسبت إلى منطقة غدير خمّ حيث خطب النّبي عليه الصّلاة و السّلام مبّيناً فيها فضل سيّدنا علي رضي الله عنه ، و قال مخاطباً المسلمون ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، قالوا بلى يا رسول الله ، قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه و عادي من عاداه ، و اخذل من خذله و انصر من نصره ، و قد جانب الشّيعة الصّواب حين ظنّوا أن ذلك نصٌ على تولية سيّدنا علي الخلافة من بعد الرّسول عليه الصّلاة و السّلام ، فما يُستنبط من الحديث هو بيان فضل سيّدنا علي و مكانته .
