الطبيعة

خلق الله تعالى الطبيعة وأودع فيها كل أسرار الجمال والدهشة، فهي أساس كلّ شيءٍ جميل على كوكب الأرض، كما أنها السبب المباشر للحصول على ما تحتاجه الكائنات الحية من طعام وماء وخيرات، ومن أكثر ما يميز الطبيعة أنها متنوعة ومتغيرة وتختلف باختلاف الأماكن والفصول، وهي ليست محكومة بالثبات، بل إنها متجددة بشكلٍ دائم، وبعيدة كل البعد عن الملل، وهذا كله لأنها من صنع الله تعالى الذي أبدع كل شيءٍ خلقه، فمن أراد أن يأخذ وجبةً كبيرةً من الجمال، فما عليه إلّا أن يتأمل في الطبيعة بكافة أشكالها.

تنقسم الطبيعية إلى أقسامٍ كثيرة، وكل قسمٍ منها له ما يميزه من نباتات وحيوانات وظروفٍ معيشية ومناخية، فالصحراء مثلاً لها جمالها الخاص، فمن يتأمل جمال طبيعة الصحراء برمالها الذهبية وتشكيلات الكثبان فيها، يصاب بدهشة كبيرة لشدة هذا الجمال، خصوصاً عندما يزدان هذا الجمال نباتات الصحراء وحيواناتها التي تعلمنا الصبر والتحمل، أما المتأمل في الطبيعة البحرية، فيشعر بفضول كبير يدفعه لاكتشاف مكنونات هذه الطبيعة بما فيها من بحر وكائنات تعيش في أعماقه، وهذا ينطبق أيضاً على الجبال والأنهار والسهول والوديان والغابات الاستوائية المدهشة.

من عادة الطبيعة أن ترتدي أثوابها المختلفة بما يتلاءم مع فصول العام، ففي الشتاء تصبح أشجارها جرداء وعارية الأوراق، وقد ترتدي ثوبها الأبيض الثلجي، أما في الربيع فالأزهار هي سيدة الموقف، وتزينها الفراشات والعصافير الملونة التي تضفي لحناً رائعاً في الأجواء، فتصبح الطبيعة اجمل وافضل وأجمل، وهذا ينطبق أيضاً في الصيف والخريف، ففي كل فصلٍ خصوصية تتميز بها الطبيعة، فهي متصالحة مع دوران الشمس وتعاقب الفصول، ولا تخلف مواعيدها أبداً.

إن أكثر ما يُتلف هذا الجمال الأخّاذ الذي تتميز به الطبيعة أن تمسها يد البشر بالتخريب والدمار والتلوث، وهذا يحدث كثيراً ويسبب الكثير من الخلل في نظامها المتزن، فقد أفسد البشر وجه الطبيعة الجميل وقطعوا الأشجار واصطادوا الحيوانات ولوثوا التربة والماء والهواء، وسلبوا حق الأجيال القادمة بالاستمتاع بطبيعة جميلة غير ملوثة ومتوازنة، ولهذا يجب أن يكون للطبيعة احترامها، وألّا يتم المساس بنظامها والحفاظ عليها من التلوث والدمار، فأي خللٍ يصيبها هو في الحقيقة يؤثر على الحياة بشكلٍ كاملٍ في كوكب الأرض، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فقبل أن يفكر أحدٌ في قطع شجرة أو تلويث أيٍ من مكونات الطبيعة، عليه أن يعيد التفكير مرات عديدة ويقرر إن كان له الحق في هذا أم لا، وبالطبع فإن الإجابة واضحة، وهي أنه ما من حق أحدٍ المساس بالطبيعة؛ لأنها ملكٌ للجميع ومن حق الجميع أن يستمتع بطبيعة نظيفة ومتزنة.