الأخلاق الحميدة

يختلف الناس عن بعضهم في العديد من الصفات المظهرية، والتي ترجع في أصلها إلى اختلاف الأنسال والأنساب، وتعدد الصفات الشكلية، كالطول، ولون البشرة، ولون العيون، وطبيعة الشعر ولونه، فالناس جميعهم مهما اختلفوا في المظهر، أو العرق، أو المذهب، أو الدين، فإنه تحكمهم قاعدة عامة من السلوكيات، وطرق ووسائل التفكير، والمعاملات اليومية، والتي من خلالها يتم رصد المشهد الإنساني من الناحية السلوكية، فالأخلاق هي المبدأ العام الذي يحدد علاقة الإنسان بالإنسان، ويجعلها قائمة على نحو من التماسك، والتوافق في كل مجالات الحياة.

ويمكن ملاحظة الأخلاق الحميدة للإنسان من خلال المعاملات، فهي الترجمة العملية للسلوك الأخلاقي على أرض الواقع، من خلال الصدق في التعامل، والمبادرة بالسلام، والابتسامة في وجه الناس، وعدم إفشاء الأسرار، وحسن الجوار، ولين الجانب، وإماطة الأذى عن الطريق، فالإنسان الذي يلتزم بهذه الأخلاق الحميدة يدخل إلى قلوب الناس، ويشعر بالسعادة التي ترتسم على وجوه الآخرين حين يبادر بهذه الأفعال المنعكسة عن الخلق الحميد الموجود في جوهره، وحين يدرك الناس أخلاق الإنسان، وتتكرر منه المواقف الطيبة يجدون راحة أكبر في معاملته، وتصبح الصلة معه وثيقة.

وقد أمر الإسلام الحنيف بتمثل الأخلاق الحميدة، وحث على الالتزام بها، وجعلها من الأمور التي يثاب عليها الإنسان في حياته، وأتت الرسالة الإسلامية داعية إلى تتميم مكارم الأخلاق التي كانت موجودة عند العرب قبل مجيء الإسلام، وجاء ذكر ذلك في العديد من الأحاديث النبوية التي وردت عن النبي الكريم، الذي كان قدوة الأمة في الخلق الحسن، حيث كان -صلى الله عليه وسلم- قرآنًا يمشي على الأرض، ولقّبه العرب بالصادق الأمين حتى قبل الدعوة الإسلامية، لما عرف عنه من أمانته، وصدقه في القول والعمل.

وهناك العديد من الأخلاق السيئة التي انتشرت في المجتمعات، والتي أدت إلى شيوع الفساد، وانتشار الرذيلة، وتهديد الممتلكات، وضياع حقوق الأفراد، والتأثير ونتائج على تكافؤ الفرص، فالكذب على الناس، وشهادة الزور، والفجور بعد الخصام، والنفاق في القول والعمل، والغيبة، والنميمة، وإخلاف الوعد، وقطع الطريق، كلها سلوكيات تنجم عن سوء خلق فاعلها، والإنسان سيء الخلق لا يحبه الناس، ولا يرغبون في رؤيته، ويحاولون تجنبه في كل مكان يرونه فيه، وهو شخص منبوذ في مجتمعه، لأنه لا يحترم الناس، ولا يراعي حقوقهم، وقد يصل به الأمر إلى إيذاء كل من حوله، بما في ذلك أهل بيته.

وعلى الإنسان أن يمتثل الأخلاق الحميدة، ويجعلها أساس التعامل في حياته اليومية، ويحاول نصح الأشخاص سيئ الخلق، وأن يوضح لهم ما هم عليه، وكيف أنهم قد خرجوا عن أوامر الله، وابتعدوا عن سنة نبيه الكريم الذي كان قمة في الأخلاق الحميدة، كما يبرُز دور الأهل في تربية الأبناء على هذه الأخلاق الحسنة، لأنه الأطفال الذين تنبت فيهم الأخلاق الطيبة لا يمكن أن تنزع منهم بسهولة، بخلاف الذين يكبر فيهم الخلق السيء، ويكون عنوان معاملاتهم مع الناس ما داموا أحياءً.