الثقافة بالعناصر

تعتبر الثقافة عنوان رقي الشعوب، وهي الصورة الحية التي تعبّر عن مكنونات الشعوب ومخزونها الفكري والثقافي، ومدى تفاعل أبناء المجتمع مع المتغيرات العديدة، ومدى ارتباطهم بالماضي وما فيه من أحداث وما يحتويه من شخصيات وأساطير وعمق حضاري، فالثقافة ليست مجرد قراءة عامة للكتب، وإنتعرف على ما هى أسلوب حياة متكامل يعبّر عن كثير من الأشياء، ويمكن معرفة مقدار تطور أي مجتمع بالنظر إلى نوعية الثقافة التي يمتلكها أفراده، خصوصاً أنها تحيط بكل شيء بما فيها العادات والتقاليد والأخلاق، بما فيها الثقافة العناصر.

للثقافة العديد من العناصر التي تحدد ماهيّتها، وهي عناصر مادية وأخرى غير مادية أي معنوية، وهذه العناصر يتحكم فيها العديد من العناصر الأخرى التي تتحكم في السلوك العام لأبناء المجتمع، فهي عناصر محكومة بمقدار ما يتعلمه الفرد ومقدار ما يؤمن به من عادات وتقاليد، بالإضافة إلى ما يكتسبه من دراسته العلمية ومهنته والمهارات الأساسية التي يكتسبها أثناء ممارسته لمهنته، وطبيعة العلاقات التي تربطه بالآخرين، سواء كانت علاقة دراسة أو عمل أو حتى علاقة اجتماعية من أي نوع، وبناءً على هذا فإن الثقافة بالعناصر تعطي للشخص ميزة تميزه عن غيره وتجعله أكثر قدرة على التعامل معها وأخذ ما يريده ونبذ ما لا يريده منها، وهذا ما عزز الاختلاف بين المجتمعات والشعوب.

تتأثر الثقافة بالعناصر بالدين والعادات بشكلٍ كبير، فتعرف ما هو مباح عند مجتمع ديني معين يعتبر محرماً عند غيرها، والعكس صحيح أيضاً، وهذا أيضاً عزز اختلاف الثقافات، كما أن بعض الكتب الثقافية سواء كانت الأدبية أو العلمية أو غيرها، تلاقي رواجاً عند بعض الأشخاص، ولا تلاقي أي أهمية وفائدة عند غيرها، وهذا يعزز الانتماءات الثقافية المختلفة أو يمحوها. فالعناصر الثقافية المادية تعبر عن كل ما ينتجه المجتمع من كتب وآلات وملابس وبيوت وغيرها، أما الثقافة بالعناصر المعنوية فتعبر عن التقاليد والفنون واللغة والعادات والأغنيات والأخلاق، بالإضافة إلى السلوك العام للأشخاص.

البعض يضيف إلى الثقافة بالعناصر ما يُعرف بالمكونات الاجتماعية والفكرية التي تسيطر على بناء المجتمع وتؤثر في ثقافته بشكل كبير، ومهما تعددت العناصر أو اختلفت فمن المؤكد أنها جميعها تمثل الثقافة بصورتها التكاملية وبنائها المعروف بوصفها أحد المميزات الهامة التي تحدد هوية المجتمع وتعبر عن مقدار رقي أبنائه وكمية المعارف التي يمتلكونها، والعمق الحضاري الذي ينتمون إليه، وهذا هو السبب الأكبر في اختلاف المجتمعات وتنوعها، وكلما اهتمت المجتمعات بعناصر الثقافة، كلما أنتجت ثقافة أكثر كفاءة وعمقاً.