آداب الحديث

تبادل الحديث مع الأشخاص الآخرين من الأشياء البديهية التي نفعلها كل يوم، فالإنسان كائن اجتماعي، يرغب دائماً بالكلام مع غيره من الناس، ويحبّ أن يبوح بما لديه من أخبار وكلام، لكن كثيراً من الأشخاص لا يعرفون آداب الحديث، ولا يعرفون كيف يبدأون بالكلام مع غيرهم، كما أنهم لا يتقنون فتح النقاشات ولا انهائها، وهذا يعتبر قصوراً في الشخصية، لأن الشخص الذي يتقن آداب الحديث ويعرف كيف يتكلم والوقت المناسب للكلام، يستطيع أن يستحوذ على عقول الآخرين وقلوبهم، لهذا فإن الإحاطة بآداب الحديث تعتبر من الضروريات وليست مجرد شيءٍ يمكن تعلمه أو تركه.

من أهم آداب الحديث أن يعرف الشخص بماذا يتكلم أمام الآخرين، فليست كل مواضيع الحديث متاحة، ولا يجوز للشخص أن يتحدث بأي شيء لمجرد أنه يعرفه، فالحديث مثلاً عن عيوب الآخرين واستغابتهم لا يعتبر من آداب الحديث، كما أن ذكر مساوئ الأشخاص لا يعتبر من آداب الحديث، إذ يجب على الشخص أن يتحاشى ذكر الآخرين أو شتمهم أو استغابتهم، بالإضافة إلى أن لا يكون الحديث طويلاً ومملاً، بل يجب أن يحرص كل شخص أن يكون حديثه لطيفاً، وأن يتيح فرصة الكلام لغيره، وأن لا يستأثر بالحديث طوال الوقت، لأن هذا تعدٍ على حقوق الآخرين في الكلام.

من أهم آداب الحديث ألا يتكلم الشخص بالقصص التي تجلب التشاؤم والسوء للآخرين، خصوصاً إذا كان الحديث في حضرة شخصٍ مريض، بل أن يجب أن يكون الحديث في المواضيع التي تتحدث في الخير والتفاؤل والإقبال على الحياة، كما يجب أن لا يقاطع الشخص غيره أثناء حديثه، وأن ينصت له حتى يكمل ما يريد قوله كاملاً، وإن كان ولا بدّ من مقاطعته لسببٍ ما، فعليه أن يستأذن منه قبل أن يقاطعه.

إن من يتصف بالتزامه بآداب الحديث، ينال احترام الآخرين، وتزداد هيبته بين الناس، خصوصاً إن التزم المتحدث أيضاً بالقول الليّن اللطيف الذي فيه نصح وإرشاد وحكمة، وابتعد عن أسلوب التهديد أو ذكر الكلمات وعبارات البذيئة، بل يجب أن ينتفي الشخص كلماته بعناية، وأن يُعطي الأولوية بالحديث لمن هم أكبر منه سناً ومكانة، وأن لا يتعدى بحديثه على أحدٍ من الحضور، وأهم شيءٍ في آداب الحديث أن لا يكون الحديث كاذباً، لأن هذا يعتبر استخفافاً بمن يستمعون إليه، بل يجب أن يكون حديثاً صادقاً وصحيحاً، وليس فيه تجريح أو إهانات لأي شخص كان، سواء كان هذا الشخص حاضراً أو غائباً.