تعتبر النظريات وسائل علمية لفهم وتحليل الفرضيات حول موضوع محدد، وتستعمل النظريات من أجل بناء قواعد علمية تستند عليها الدراسات والبحوث التي تساعد في معرفة ظواهر الحياة المختلفة، ونظريات علم الأنثروبولوجيا متنوعة ولها اتجاهات مختلفة.

ما هي نظريات علم الأنثروبولوجيا؟

النظرية الاجتماعية: تقوم الفكرة الشائعة لعلم الأنثروبولوجيا في الفترة الأولى لوجود أنّ الثقافة تنمو بأسلوب منظم وتطوري، وتأتي محاور هذه النظرة من محتوى نظرية داروين للتطور ولم تحتوي النظرية الاجتماعية على نظرية داروين بصورة رئيسية، ولم تتناول مفهوم النمو التطوري الطبيعي، وكان العلماء الاجتماعيون الفرنسيون والأوروبيون يستعملون نماذج تطورية في القرن الثامن عشر، ومن ضمن هؤلاء العلماء كان مونتسكيو الذي أسس نموذج تطوري يشمل ثلاث أقسام وهي الوحشية والهمجية والمعاصرة، ونشهر هذا التقسيم بشكل كبير وواسع بين العلماء الاجتماعيين في القرن التاسع عشر.

النظرية الوظيفية: يهدف الباحثين في النظرية الوظيفية الى تحليل كل أجزاء المجتمعات وظواهرها، عن طريق إيجاد الفروقات بين مكونات الكائنات الحية مع أجزاء المجتمع، حيث أن الكائن الحي يستطيع العيش والنمو والتطور عن طريق الترتيب المكون لأعضاء جسمه المتعددة، ويقوم المجتمع بالمحافظة على عملياته الرئيسية بنفس الأسلوب الذي يرتبط بها جسم الكائن الحي للحصول على مجتمع حيوي ومنظم، والبرامج المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتنوعة تقوم بنفس عمل أجهزة جسم الكائن الحي والأشخاص هم الخلايا في هذا الجسم الاجتماعي.

النظرية الثقافية: تمكن الباحث مارفن هاريس من خلال كتابه بعنوان “صعود النظرية الأنثرولوجية” وضع ثلاث مناهج معرفية وفكرية للنظرية الثقافية وهي: المادية الثقافية والتطور الثقافي والبيئة الثقافية، وتوضح المادية الثقافية أشكال الشبه والفروقات الثقافية، وأيضاً مناهج للتطوير الثقافي في محاور مجتمعية يشمل ثلاث أصناف متنوعة، ويرى الماديون الثقافيون أن كل المجتمعات تقوم على نماذج يتجاوز فيها الإنتاج والتكاثف على الجهات الثقافية المختلفة، لذلك نجد أن أصحاب النظرية الثقاقية يرون أن الديانة والعلاقات الاجتماعية لا تتم إلا لهدف واحد وهو تطوير الإنتاج والتكاثف.

أهمية نظريات علم الأنثروبولوجيا:

تهدف النظريات في أي حقل علمي إلى تأكيد أو إستبعاد فرضيات لأمور توجد في الكون، وما يحققها كنظرية أنه يستطيع تجربتها وتغييرها أو إلغائها، وفي نظريات علم الأنثروبولوجيا نقوم بدراسة تاريخ الثقافة الإنسانية وارتباط الكائن البشري مع الطبيعة ومع بعضهم، ومقارنتها مع تاريخ الكائنات البشرية البدائية، وتأتي أهمية ذلك عن طريق أعطاء العلماء تحليلاً أوسع للإنسانية، وكيف ألت إلى ما هي عليه الآن، وإيجاد نظريات لما قد يحدث له في المستقبل، والعقبات التي ممكن أن يتعرض لها.


أدوات جمع المادة في البحوث الأنثروبولوجية


إن المقابلة والملاحظة من أدوات البحث التي تستخدم في البحث الأنثروبولوجي وهي الأساس والمقدمة للبحث. يجرب الباحثون في بحثهم مجموعة من الأدوات كما تمت الاستعانة بأداة تشبه المقابلات، أو مناقشات جماعية. وأطلقت على تلك الأداة الجماعية المركزية (Group Focus) وقد قامت بتحديد مجموعة من النصائح والتفاصيل التي نصحت باتباعها.

وفيما يلى عرض لتقنيات أدوات البحث الأنثروبولوجي التي يتم استخدامها وهى المقابلة، والملاحظة الجماعية المركزية.

تقنية المقابلة في البحوث الأنثروبولوجية:

يقدم مدخل المقابلة توجيهات هامة مدعمة ببعض الأمثلة التي تمنح تلك التوجيهات المزيد من الوضوح والدقة المنهجية وفيما يلي التفاصيل:

  • مقابلة الأسرة: عندما يريد الباحث مقابلة شخص معين في الأسرة ولم يجده يجب عليه مقابلة شخص آخرمن نفس الأسرة فقد يمكنه ذلك من فرصة أخذ المعلومات وجمع بيانات غير متوقعة، والتأكد من مدى صحة البيانات المشكوك بأمرها، واستغلال فرصة غياب الإخباري الرئيسي.

  • وجوب احترام الثقة بين الباحث والإخباري، والتعامل بسرية تامة اتجاه المعلومات التي يحصل عليها منه. ومثال على ذلك ” الجيرة” أي عدم الرد بسؤال الجارة على جارتها، حيث أن بعض الجيران حريصون على معرفة وتتبع أخبار جيرانهم والاعتداء على خصوصيتهم من خلال الباحث، وقد اكتسبت كاتبة السطور خبرة في هذا المجال في البحث الذي قدمته لنيل درجة الدكتوراة، وهنا يجب على الباحث ألا يصرح بأي معلومات حتى لا يسبب أي مشاكل، وليدعم الثقة بين الإخباري المستفسر والباحث. ولأنه يجب عليه أن المحافظة على سرية البيانات.


    كما يجب على الباحث أن يقوم قبل نشر بحثه بإزالة التعرف على المشاركين ، بإزالة البيانات الشخصية باستخدام الأحرف الأبجدية أو الرموز والأرقام خلال بحثه لتجهيل أسماء الإخباريين وفق العينة البحثية.

  • الحيادية في التعامل مع الإجابات، حيث على الباحث عدم التأثير في إجابات الإخباري، وطرح علية أسئلة غير محددة الإجابة من صيغة السؤال نفسه، وعدم الميل أو النفور من إجاباته مهما كانت، لأن ذلك يؤثر بنتائج البحث النهائية. مثال على ذلك: لماذا تفضل الذهاب إلى المستشفى؟ يجب أن يسأله إلى أين يذهب في حال المرض.

  • التعمق في الإجابات والاستفسار عن التفاصيل وعدم الاكتفاء بالإجابات السطحية، وطرح الأسئلة بشكل مفصل، والانتقال بسرعة من موضوع لآخر، والاعتماد على الإجابات لطرح سؤال جديد باستخدام أدوات الاستفهام، مثل: لماذا؟ ماذا تشعر عندما يحدث؟ هل ترى ذلك؟ هل تفعل ذلك، ماذا تعتقد؟ ماذا كنت تعتقد؟ ماذا حدث عندها؟

  • من الأفضل للباحث عدم تكرار السؤال مرتين على الإخباري، في حال عدم سماع الإجابة؛ بل عليه إعادة الإجابة بصيغة التساؤل. مثال: ذكرت أن ابنتك مرضت نتيجة الحسد؟

  • من صفات الباحث المهمة عند المقابلة الصبر، فهذه الصفة تزيد من الراحة والهدوء والطمأنينة بين الطرفين، وخلق جو ودي أثناء المقابلة، فليس من الضروري التكلم والسؤال باستمرار، فيجب عليه ترك فرصة للتفكير لنفسه وللإخباري.

  • إن من كرم الإخباري المشاركة في البحث، فيجب على الباحث عدم تعطيله عن عمله، كما أن الباحث يمكنه الحصول على المعلومات التي يحتاجها من خلال السلوكيات للإخباري أو الأنشطة التي ينفذها داخل عمله، وفي حال تبقى مجموعة من الأسئلة لم يحصل على إجاباتها فيقوم بالتخطيط لمقابلة مع شخص آخر.

  • مراعاة الوقت، فعلى الباحث مراعاة بدء وانتهاء وقت المقابلة وملاحظة سلوك الإخباريين وجمع بياناتهم، وأن تكون مقابلة منظمة الوقت.

  • إن وجود دليل أو خطوات منظمة يتبعها الباحث أثناء المقابلة تساعد على جعل المقابلة تبدو أكثر طبيعية وتلقائية، فإن تجهيز الأدوات اللازمة لجمع البيانات والموضوعات العامة والأسئلة الخاصة قبل المقابلة تساعد على إجرائها بشكل أكثر تنظيم.

  • الصدق بالوعود، إن الكذب في الوعود لكسب تعاون وحدة المعيشة المختارة لإجراء المقابلة يسيء للباحث شخصياً ويسيء للباحثين بشكل عام، مما يؤدي لعدم ثقة الأشخاص بهم وعدم التعامل معهم مرة أخرى.

  • الصدق مع المجتمع، من المهم للمجتمع معرفة حقيقة البحث الذي سيقوم به الباحث وما هي مهمته وما أسباب تواجده في المجتمع؛ بطريقة تناسب المستوى التعليمي للإخباري، وإذا اتسم الموضوع البحثي بالحساسية فلا بد للباحث من ذكر المهمة بشكل عام.

  • وختاما فعلى الباحث أن يستخدم سلوكيات طبيعية وتعبيرات محلية، واستخدام أسلوب هادئ وصوت ودود، وعدم التحدث بطريقة تثير أو توتر الإخباري، وخلق جو من الود بينهما.

  • تقنية الملاحظة في البحوث الأنثروبولوجية:

    لا بد من الذكر بأن الملاحظة تستخدم بثلاث مستويات: المجتمع المحلي، والمؤسسات مثل الوحدات الصحية، ووحدات المعيشة. ويجب على الباحث كتابة جميع ملاحظاته والتعليق عليها بالطرق التي تم ذكرها سابقاً في المقابلة أعلاه، ومن أهم ما يجب ملاحظته ما يلي:

  • مقارنة قول الإخباري بسلوكه الفعلي.

  • كيفية قيام الإخباري للسلوك، مثال: هل يتبع الطرق الصحية في إعداد الطعام للطفل؟

  • كيفية علاقة الإخباري بالآخرين، مثال: علاقة الأم بالطفل المريض وعلامات الانتباه، والتعلق، والرفض.

  • طريقة إطعام الطفل أو كيف باليد أو بالملعقة؟ ومن يقوم بإطعامه؟

  • ما نوع الأكل الذي يأكله الطفل؟

  • عند إطعام الإخبارية الطعام للطفل أو إعطاءه الدواء؛ ماذا دورها أو ماذا تفعل؟ هل تشجعه على ذلك؟ أم أن الطفل هو من يقرر ماذا يأكل أو يشرب وما الكمية التي يحتاجها؟

  • من المؤثر بالقرارات التي تتعلق بصحة الطفل أو السلوك الصحي له؟ هل هي الأم أم غيرها؟

  • ما هي حالة العلاقة الأسرية وكيف يتفاعلون معا؟