الفن في عصور ما قبل التاريخ
ليس من السهولة بمكان تحديد الغاية التي جعلت الإنسان القديم، يتجه إلى الفن في ظل الطبيعة القاسية التي كان يحياها، هل هي الحاجة أم كنوع من الرفاهية والكمال؟!
كان الإنسان قديما مقيدا بهاجس البقاء، وهذا كان أساس صراعه في ظل قسوة محيطه، وهل تدوين تفاصيل حياته على شكل رسوم عثر عليها على جدران الكهوف، كان ينقشها هناك، هي نزعة للخلود في ظل صراعه؟ أم أنها حصاد فراغ يحياه؟ أم أن لجوئه لتدوين تفاصيل حياته على شكل رسوم، هي كنوع من الدعاء والنداء والعثور على الحيوان الذي يتمنى صيده على سبيل المثال ؟
ما هى اسباب اللجوء للفن في عصور ما قبل التاريخ
يختلف الباحثون في تحديد الغاية من نقش هذه الرسوم على الجدران، فمنهم من قال بأن هذا الفن مرتبط بالديانات التي آمن بها الإنسان القديم في تلك العصور الغابرة، ليتفاعل ذلك الإنسان مع تلك الأديان بتلك النقوش، وهو عبارة عن تفاعل مادي معها، وهذا يظهر في بعض الرسوم التي ظهر بها تحريفات واضحة، بالمقارنة مع غيرها من الآثار، وهذه التحريفات تشير إلى واقع الإنسان في تلك العصور القديمة، وأيضا بعض التماثيل التي ترمز إلى بعض الآلهة، وعدد من الشخصيات الأسطورية، وهذا ما أشار إليه العالم (أندريه لوري غورهان) الذي يرى بأن تلك الفنون عبارة عن تجسيد لديانات عصور ما قبل التاريخ، بالإضافة إلى أنها ترمز إلى نوع من السحر والمعتقدات الخاصة لأصحاب تلك الديانات.
امتزج الفن في ذلك الوقت بواقع الإنسان الأول بشكل أو بآخر، وهذا الأمر يظهر جليا في تصويرهم لآليات الصيد والسهام، مزينة بعدد من النقوش والرسوم، يعتقد بأن تلك الرسوم لا ترمز لشيء، ولكنها مجرد أشكال هندسية اعتباطية، ويرجح بعضهم بأنها عبارة عن رموز دينية.
وتتضح تلك الفنون جلية في أدوات الزينة، كالجواهر والحلي، حيث كان الاهتمام بأدوات الزينة كبيرا من قبل الإنسان الأول، ويتضح هذا الأمر في العقود التي حيكت من العظام أو الخشب أو المخالب أو العاج، وما زالت البحوث الأثرية، وعلم الأديان القديمة، والأنثربولوجيا، تحاول تفسير ما إذا كانت تلك العقود تشير إلى دلالات أسطورية ودينية، وذلك من خلال تفسير تلك الرموز الخاصة التي تشير إليها الحلي، وخاصة أن ما عثر عليه من تلك العقود والحلي، ما تزال قليلة جدا، وهذا ما يصعب الأمر، ويدعو إلى مزيد من البحث والتنقيب.