بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. أما بعد،
تكلمنا في مقال سابق عن حكم بلع الريق بالنسبة للصائم، وفي هذا المقال سنتكلم عن مسألة أخرى متصلة بمسألة بلع الريق، وهي مسألة بلع البلغم، وهذه المسألة مهمة وتستحق البحث والنقاش، وكثيرا ما يتساءل عنها الناس، ويرغبون بمعرفة الحكم الشرعي فيها. ومسألة بلع البلغم قد ناقشها العلماء في بعض أبواب فقه العبادات، وبخاصة في باب الصيام، وسنقوم في هذا المقال بتوضيح حكم بلع البلغم في هذا الباب مبينين القول الصواب والرأي الراجح في هذه المسألة، وبالله التوفيق.
إقرأ أيضا : طريقة إذابة البلغم
لا بد في البداية من تعريف ومعنى البلغم وتحديد ماهيته، فالبلغم هو عبارة عن مادة مائعة لزجة في العادة، تتكون من اللعاب والمخاط، فهي خليط منهما. ويتم إخراج هذه المادة من الصدر عن طريق السعال، وقد تتجمع هذه المادة في الحلق من وراء نزول المخاط الخارج من الأنف إلى الحلق، وتراكمه فيه، واختلاطه باللعاب القادم من الفم. والبلغم أو النخامة أو النخاعة هي كلمات وعبارات مترادفة، فكلها تدل على تلك المادة المائعة اللزجة التي تتكون من المخاط واللعاب، ولكن يغلب استعمال البلغم على المادة التي تخرج من الصدر، والتي في الغالب تكون مصاحبة لبعض الحالات المرضية، أما المادة اللزجة الطبيعية التي تتكون من اللعاب والمخاط، والتي يقوم الإنسان بلفظها أو بلعها بشكل معتاد فتسمى بالنخامة أو النخاعة.
لقد اختلف العلماء في حكم بلغ البلغم أو النخامة للصائم، فقال بعضهم بأنها لا تفطر على الإطلاق، وقال البعض الآخر بأنها لا تفطر إلا إذا وصلت إلى الفم، ومن ثم قام ببلعها، فإذا بلعها بعد وصولها للفم فإنه يفطر.
والقول الأصوب والأحوط - والله أعلم - هو أنها تفطر إذا ما تجاوزت الحلق ووصلت إلى الفم، وقام الصائم ببلعها، ولكن اشترط بعض العلماء حتى تكون النخامة مفطرة أن يكون الصائم يعلم بأنها تفطر، ومع ذلك أصر وبلعها، أما إذا لم يكن يعلم، فليس عليه شيء. كما اشترطوا أيضا القدرة على لفظ النخامة التي وصلت إلى الفم، وألا يترتب على لفظها مشقة عليه، أما إذا لم يكن الصائم قادرا على لفظها، فليس عليه شيء، وصيامه صحيح.
والقول بأنها لا تفطر مطلقا هو قول له وزنه، حيث قال به علماء كبار، ولكن القول الذي سبق تفصيله في الفقرة السابقة هو الأحوط والأسلم، أضف إلى ذلك أن النخامة إذا وصلت إلى الفم، فيصبح من المستقذر أن يبلعها المسلم سواء أكان صائما أم لا، حيث ينبغي له أن يخرجها من فمه.
