الرياضيات
يرجع تاريخ الرياضيات إلى تاريخ الوجود الإنساني، فمنذ وجود الإنسان على سطح الأرض وبداية تفاعله مع ما حوله ظهرت الحاجة الماسة إلى وجود الأعداد والرياضيات بشتى مجالاتها، وهي التي تطورت أيضا مع تطور الإنسان والحياة؛ فظهرت العديد من مجالات الرياضيات المختلفة إلى أن وصلت إلى ما نراه حاليا، فكانت بدايات الرياضيات عن طريق اختراع الأرقام وطرق ووسائل العد المختلفة والبسيطة إلى علم القياس والحساب والهندسة، وحتى وصلت إلى علوم الفضاء والأعداد التخيلية وعلم المنطق، وغيرها من العلوم التي نراها من حولنا.
بداية الرياضيات (المصريون والبابليون)
ترجع البدايات الأولى للرياضيات أو على الأقل أقدم الدلائل المكتوبة والمتفق عليها حول الرياضيات إلى البابليين والمصريين، فمن أقدم النصوص المكتشفة فيما يخص الرياضيات هو لوح بليمبتن 322 البابلي الأصل والتي ترجع إلى عام 1900 قبل الميلاد وبردية ريند وبردية موسكو مصريتي الأصل، وأما أول الدلائل الرياضية فترجع إلى السومريين قبل ثلاثة آلاف عام من الميلاد؛ بحيث وضعوا النصوص التي كتبت فيها جداول الضرب، وطوروا بعض الأنظمة المعقدة فيما يخص علم القياس وغيرها.
كانت الرياضيات لدى البابليين مكونة من النظام الستيني والذي أسسه السومريون، وما زال هذا النظام مستخدما في قياس الزوايا وتم اشتقاق تقسيم الوقت منه إلى ستين ثانية وستين دقيقة وغيرها، وقد كان النظام الذي استخدمه البابليون في العد يسهل حساب الكسور كما في النظام العشري المستخدم في وقتنا الحالي، وقد تمت تغطية عدد من المواضيع عند البابليين كالكسور والجبر والمعادلات التربيعية والخطية، وغيرها.
أما المصريون فقد كانوا يستخدمون اللغة المصرية القديمة في كتابتها، وتظهر البرديات المصرية القديمة؛ كبردية ريند وبردية موسكو مدى التطور في الرياضيات لدى المصريين القدماء، فتظهر في بردية ريند على سبيل المثال التعليمات لطريقة القسمة والضرب وحل المعادلات الخطية والمتتالية الحسابية والمتسلسلات، وغيرها من الأمور الرياضية المختلفة.
الرياضيات عند الإغريق
هي ترجع إلى الرياضيات المكتوبة باللغة اليونانية منذ طاليس وحتى إغلاق أكاديمية أثينا في عام 529 للميلاد والتي كان قد أنشأها أفلاطون، وقد كانت الرياضيات اليونانية متطورة بشكل أكبر بكثير من الرياضيات في العصور التي سبقتها، وقد كانت تستخدم المنطق بشكل أكبر للوصول إلى الحلول الرياضية، فنشأت في العصور اليونانية البراهين الرياضية والتي ما زالت تستخدم إلى يومنا الحالي في برهنة الحقائق والمفاهيم الرياضية المختلفة.
وأما من بعد طاليس فقد ظهر العديد من العلماء الكبار كأرخميدس والذي ما زالت نظرياته أساسا للعلوم الرياضية إلى عصرنا الحالي فيعده العديدون أعظم رياضيي العصور القديمة، وقد كان لأفلاطون دور كبير في تطوير الرياضيات عند الإغريق عن طريق الأكاديمية الأفلاطونية في أثينا التي قام بتأسيسها والتي أصبحت مركزا لتدارس الرياضيات عند الإغريق حتى إغلاقها، فحتى ولو لم يكن له أثر شخصي كبير في علم الرياضيات إلا أنه وبفضل توجيهه استطاع العديد من الرياضيين الظهور.
الرياضيات في أماكن أخرى حول العالم
كانت الرياضيات في تطور كبير في جميع أمصار العالم المختلفة الأخرى كالصين والهند وغيرها، ومع ظهور الإسلام وانتشاره ظهر العديد من العلماء المسلمين أيضا والذين قاموا بترجمة الأعمال الرياضية للعلماء من قبل، فأدخل الخوارزمي الأرقام الهندية إلى العربية وهي المعروفة حاليا بالأرقام الأجنبية؛ فهذه الرموز هي في الأصل هندية أخذها العرب عنهم ومن ثم الغرب.
أخذ الغرب معرفتهم الرياضية من العلماء المسلمين خلال الترجمات التي حصلت وخاصة في الأندلس، وظهر خلال العصور الإسلامية وفيما بعد في العالم بأسره العديد من العلماء الذين طوروا الرياضيات إلى ما نشاهده حاليا من أمثال الخوارزمي، ومن ثم خلال حركة التطور العلمي التي شهدتها أوروبا في القرن السابع عشر وما بعدها فظهر علماء من أمثال جاليليوا ونيوتن وغيرهم العديدون.