من السور المدنية نزلت بعد سورة التوبة ويقتصر عدد آياتها على ثلاث آيات فقط، وهي تحتل المرتبة الثانية بكونها أقصر سورة في القرآن الكريم بعد سورة الكوثر، وآخر ما نزل من القرآن الكريم على نبينا محمد عليه السلام، أما ترتيبها في المصحف الشريف فهو مئة وعشرة، وتتناول سورة النصر حادثة فتح مكة المكرمة والتي زادت من عزة المسلمين، وكانت الخطوة الأولى نحو نشر الدين الإسلامي في جزيرة العرب، وقمع شوكة المشركين والكفار وبيان الضلال الذي كانوا عليه، وكان التبشير من الله تعالى بفتح مكة في سورة النصر قبل حدوث ذلك من أجل إثبات صحة نبوة نبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام.
سبب نزول سورة النصر
جاءت سورة النصر لتبشر جموع المسلمين باقتراب فتح مكة وتحريرها من عبادة الأصنام والكفر والشرك، وكان فيها ما يدل على اقتراب أجل الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام مع فتح مكة، وللدلالة على ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأنه كان يدعوا عبد الله بن عباس إلى حضور مجالس شؤون المسلمين ويستشيره في أمرها وهو لا يزال فتيا بعمر العشرين عام، فاعترض عدد من كبار وشيوخ المسلمين على وجود هذا الغلام الصغير بينهم، إلا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه علل وجود عبد الله بن عباس بأن الرسول عليه السلام قد دعا له بحياته أن يفقهه الله في الدين ويعلمه التأويل، ولتأكيد عمر بن الخطاب على صحة ذلك قام بدعوة عبد الله بن عباس إلى حضور مجلس شؤون المسلمين وسأل كبار المسلمين عن سبب نزول سورة النصر فكانت إجابتهم بتعرف ما هو واضح من مصطلحات فيها من اقتراب فتح مكة وانتشار الإسلام فيها، إلا أن عبد الله بن عباس كان له رأي غير ذلك، وهو بأن نزول سورة النصر كان لإخبار الرسول عليه الصلاة والسلام باقتراب أجله وموعد موته، وذلك بما تقدمه الآية الثالثة من سورة النصر من دلالة في المعنى " فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا"، وفي هذه الآية طلب من الله تعالى لنبيه محمد عليه السلام بالاستغفار، أما دلالتها على قرب أجل الرسول الكريم فعلله عبد الله بن عباس بكون الاستغفار خاتمة العديد من الفرائض في الإسلام، حيث تختم الصلاة بالاستغفار كما يختم الحج بالاستغفار بعد النزول من عرفة وخاتمة المجالس وغيرها من الأفعال تختم بالاستغفار، وبذلك فإن هذه الآية قد حملت إلى نبينا محمد عليه السلام خبر موته بطلب بدئه بالاستغفار.
