سورة الحجرات هي إحدى السور المدنية التي احتوى القرآن الكريم عليها، حيث أنها تحتوي على الطريقة التي ينبغي على المسلمين الذين عاصروا الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن يتعاملوا معه على أساسها، حيث أنها أمرت المسلمين أن لا تعلو أصواتهم فوق صوت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأن لا ينادوه باسمه وضرورة أن يحترموا بيوت زواجات الرسول لما لهن من خصوصية كبيرة، بالإضافة إلى ذلك فإنه ينبغي عليهم أن يمتثلوا امتثالا كاملا لأوامره صلى الله عليه وسلم. كما يجدر الإشارة إلى أن تسمية هذه السورة بهذا الاسم لذكر بيوت النبي – صلى الله عليه وسلم – فيها، وذكر حرمة هذه البيوت على الناس كافة، والبيوت التي كن أمهات المؤمنين – رضي الله عنهن – يسكن فيها سماها القرآن في هذه السورة باسم الحجرات.
عدد آيات سورة الحجرات ثمانية عشرة آية، وهذه السورة من قد وضعت النقاط على الحروف في طريقة التعامل مع الرسول الأعظم – صلى الله عليه وسلم – ومع خصوصياته وترتيبها في القرآن التاسع والأربعون. تحتوي سورة الحجرات أيضا على العديد من الأخلاق القويمة والمنهج الإلهي الذي يحب الله تعالى أن يرانا متبعين له، فهذه السورة الكريمة تحتوي على أمر الله للناس بأن يتحققوا قبل الحكم على الأشخاص، وأن يتأكدوا من الأخبار التي تأتيهم من قبل الناس الآخرين، إذ إنه ربما تكون هذه الأخبار فيها المكيدة والدسيسة أو أن لها أغراضا أخرى، فظلم الناس لبعضهم البعض لا يحبه الله تعالى ولا يرضاه ولا يحبه الرسول أيضا ولا يرضاه.
بالإضافة إلى ذلك فقد تضمنت هذه السورة العظيمة على أمر إلهي آخر وهو نهي الله تعالى للناس عن أن يسخروا من بعضهم البعض، بالإضافة إلى أمرهم أن يحسنوا الظن ببعضهم البعض ونهي الله تعالى لهم عن أن يغتابوا بعضهم البعض أو أن يتجسسوا على بعضهم البعض، فهذا كله مما لا يرضاه الله تعالى لعباده وكل هذه الصفات من أسوأ الصفات التي يمكن أن يتصف بها المؤمنون والناس. كما شدد الله تعالى وأكد على ضرورة أن يتآخى المؤمنون مع بعضهم البعض. كما أن هذه السورة أرست مبدأ عالميا ألا وهو أن الأصل بين الناس هو أن يتعارفوا، فلقد خلق الله تعالى الناس مختلفين جنسيا ومختلفين من ناحية الأصول والمنابت، وهذا لا يعني أن كل واحد منهم يجب أن يبقى على حدى بل على العكس تماما فالأصل هو الالتقاء والتعارف بين الناس.