يسعى جميع الناس على هذه الأرض لتكوين علاقات مختلفة مع أناس آخرين، وهذه العلاقات كثيرة؛ فقد تكون علاقة عمل، أو معرفة، أو احترام، أو حتى علاقات عاطفية، ولكن أسمى وأرقى أنواع العلاقات بين الناس هي الصداقة، والصداقة يمكن أن تكون عابرة ومؤقتة، ويمكن أن تكون كذلك صداقة حقيقية دائمة، والصداقة الحقيقية هي التي يجب أن نسعى لها، لأن الصداقة الحقيقية كالوردة البيضاء التي تنمو وتتفتح وتعطي الشكل والرائحة الجميلة وتنثرها في المنطقة المحيطة بها، ولكنها لا تذبل أبدا عند الاعتناء بها ورعايتها.
هناك الكثير من الأمثال والأقوال الشهيرة، ولكن أكثرها انتشارا هو الصديق وقت الضيق، وهذا دليل على أهمية وفائدة الصديق، حيث يسانده ويساعده ويخفف عنه في أصعب أوقات حياته وفي ضيقه وهمه، ولا بد كذلك أن يقف معه أيضا في فرحه ونجاحه، فيحزن لحزنه، ويفرح لفرحه، ويجب أن تكون الصداقة مبنية على الاحترام المتبادل والصدق والأمانة، وحتى تتكون الصداقة بين الأشخاص لا بد أن يمتلكوا صفات كثيرة متشابهة، فالصاحب للصاحب كالرقعة في الثوب، فإن لم تكن مثله قللت من جماله، ويمكن أن تتكون الصداقة بين أكثر من شخصين، يساندون بعضهم البعض في جميع الأوقات والظروف.
هناك العديد من الصداقات العابرة التي لا تستمر، وبالتالي لا يمكن اعتبار هذه الحالات من الصداقات الحقيقية، فالصديق الحقيقي هو الصديق الدائم الذي لا يتخلى عنك وقت الشدائد، بل يقف إلى جانبك، ويتمنى لك ما يتمناه لنفسه من خير وسعادة ومكانة عالية، لذلك تعتبر الشدائد والمصاعب والأوقات الصعبة هي المقياس الذي يحدد الصديق الحقيقي من غيره.
فخير الأصدقاء الذي إن ضحكت لك الدنيا لم يحسدك وإن عبست في وجهك الدنيا ولم تنصفك فهذا الصديق لن يتركك وسوف يقف إلى جانبك، وهو الذي يحسن الظن بك في كل الأوقات وإذا أخطأت بحقه يجد لك العذر ويتيقن في نفسه أنك لم تقصد ذلك، ويجب على الصديق عدم نسيان صديقه مهما ابتعدت المسافات ومهما طال الغياب، فالصداقة تكون مغروسة في القلب ويصعب نسيانها أو الاستغناء عنها.
الصداقة لا تعني البقاء مع الصديق لفترات طويلة من الزمن، ولكنها تعني البقاء على العهد والوفاء والحب مهما طالت المسافات أو قصرت، والصداقة الحقيقية من اجمل وافضل العلاقات التي يمكن أن تنشأ في كل الأوقات والظروف والأزمان، فيمكن أن تحدث خلال فترة الدراسة المدرسية والجامعية، أو في العمل، أو في المجتمع الخارجي، أو في اى مكان وأي وقت.