أتحبني وأنا ضريرة

أتحبني وأنا ضريرة

نزار قباني

نزار قباني شاعر معاصر سوري الأصل، ولد في 21 مارس 1923 من عائلة عريقة؛ فرائد المسرح العربي هو جده أبو خليل القباني، أنهى دراسته في الجامعة السورية، والتحق بالعمل الدبلوماسي لينتقل بين عواصم مختلفة، كان أول دواوينه إصدارا في عام 1944 وحمل عنوان (قالت لي السمراء) ، وبلغ عدد دواوينه 35 ديوانا من أهمها: (طفولة نهد) و(الرسم بالكلمات).


كان لحرب 1967 (النكسة) مفترقا حاسما في مسيرة حياته، إذ إنها نقلته من كونه (شاعر الحب والمرأة) لتدخله معتركات السياسة، حيث أصدر قصيدته (هوامش على دفتر النكسة) والتي سببت عاصفة في الوطن العربي كانت نتيجتها منع أشعاره في وسائل الإعلام.


عايش نزار قباني العديد من المآسي في حياته، نذكر منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجير إنتحاري في بيروت، ووفاة ابنه. توفي عام 1998 ودفن في دمشق. (1)


قصيدة أتحبني وأنا ضريرة

قالت له

أتحبني وأنا ضريرة

وفي الدنيا بنات كثيرة

الحلوة والجميلة والمثيرة

ما أنت إلا بمجنون

أو مشفق على عمياء العيون


قال

بل أنا عاشق يا حلوتي

ولا أتمنى من دنيتي

إلا أن تصيري زوجتي

وقد رزقني الله المال

وما أظن الشفاء محال


قالت

إن أعدت إلي بصري

سأرضى بك يا قدري

وسأقضي معك عمري


لكن ..

من يعطيني عينيه

وأي ليل يبقى لديه


وفي يوم جاءها مسرعا

أبشري قد وجدت المتبرعا

وستبصرين ما خلق الله وأبدعا

وستوفين بوعدك لي

وتكونين زوجة لي


ويوم فتحت أعينها

كان واقفا يمسك يدها

رأته

فدوت صرختها

أأنت أيضا أعمى؟!

وبكت حظها الشؤم


قال

لا تحزني يا حبيبتي

ستكونين عيوني ودليلتي

فمتى تصيرين زوجتي؟


قالت

أأنا أتزوج ضريرا

وقد أصبحت اليوم بصيرا

فبكى

وقال سامحيني

من أنا لتتزوجيني

ولكن

قبل أن تتركيني

أريد منك أن تعديني

أن تعتني جيدا بعيوني


قصائد أخرى لنزار قباني

من القصائد التي نظمها نزار قباني ندرج لكم الآتي:


امرأة حمقاء

يا سيدي العزيز

هذا خطاب امرأة حمقاء

هل كتبت إليك قبلي امرأة حمقاء؟

اسمي أنا؟ دعنا من الأسماء

رانية أم زينب

أم هند أم هيفاء

أسخف ما نحمله ـ يا سيدي ـ الأسماء

يا سيدي

أخاف أن أقول ما لدي من أشياء

أخاف ـ لو فعلت ـ أن تحترق السماء

فشرقكم يا سيدي العزيز

يصادر الرسائل الزرقاء

يصادر الأحلام من خزائن النساء

يستعمل السكين

والساطور

كي يخاطب النساء

ويذبح الربيع والأشواق

والضفائر السوداء

وشرقكم يا سيدي العزيز

يصنع تاج الشرف الرفيع

من جماجم النساء

لا تنتقدني سيدي

إن كان خطي سيئا

فإنني أكتب والسياف خلف بابي

وخارج الحجرة صوت الريح والكلاب

يا سيدي

عنترة العبسي خلف بابي

يذبحني

إذا رأى خطابي

يقطع رأسي

لو رأى الشفاف من ثيابي

يقطع رأسي

لو أنا عبرت عن عذابي

فشرقكم يا سيدي العزيز

يحاصر المرأة بالحراب

يبايع الرجال أنبياء

ويطمر النساء في التراب

لا تنزعج!

يا سيدي العزيز ... من سطوري

لا تنزعج!

إذا كسرت القمقم المسدود من عصور

إذا نزعت خاتم الرصاص عن ضميري

إذا انا هربت

من أقبية الحريم في القصور

إذا تمردت على موتي ...

على قبري

على جذوري

والمسلخ الكبير

لا تنزعج يا سيدي!

إذا انا كشفت عن شعوري

فالرجل الشرقي

لا يهتم بالشعر ولا الشعور ...

الرجل الشرقي

لا يفهم المرأة إلا داخل السرير ...

معذرة .. معذرة يا سيدي

إذا تطاولت على مملكة الرجال

الأدب الكبير ـ طبعا ـ أدب الرجال والحب كان دائما

من حصة الرجال

والجنس كان دائما

مخدرا يباع للرجال

خرافة حرية النساء في بلادنا

فليس من حرية

أخرى سوى حرية الرجال

يا سيدي

قل ما تريده عني، فلن أبالي، سطحية، غبية، مجنونة، بلهاء، فلم أعد أبالي

لأن من تكتب عن همومها ..

في منطق الرجال امرأة حمقاء

ألم اقل في أول الخطاب إني

امرأة حمقاء؟


رفقا بأعصابي

شرشت ..

في لحمي وأعصابي ..

وملكتني بذكاء سنجاب

شرشت .. في صوتي، وفي لغتي

ودفاتري، وخيوط أثوابي ..

شرشت بي .. شمسا وعافية

وكسا ربيعك كل أبوابي ..

شرشت .. حتى في عروق يدي

وحوائجي .. وزجاج أكوابي ..

شرشت بي .. رعدا .. وصاعقة

وسنابلا ، وكروم أعناب

شرشت .. حتى صار جوف يدي

مرعى فراشات .. وأعشاب

تتساقط الأمطار .. من شفتي ..

والقمح ينبت فوق أهدابي ..

شرشت .. حتى العظم .. يا امرأة

فتوقفي .. رفقا بأعصابي ..


أيظن

أيظن أني لعبة بيديه؟

أنا لا أفكر في الرجوع إليه

اليوم عاد كأن شيئا لم يكن

وبراءة الأطفال في عينيه

ليقول لي: إني رفيقة دربه

وبأنني الحب الوحيد لديه

حمل الزهور إلي .. كيف أرده

وصباي مرسوم على شفتيه

ما عدت أذكر .. والحرائق في دمي

كيف التجأت أنا إلى زنديه

خبأت رأسي عنده .. وكأنني

طفل أعادوه إلى أبويه

حتى فساتيني التي أهملتها

فرحت به .. رقصت على قدميه

سامحته .. وسألت عن أخباره

وبكيت ساعات على كتفيه

وبدون أن أدري تركت له يدي

لتنام كالعصفور بين يديه ..

ونسيت حقدي كله في لحظة

من قال إني قد حقدت عليه؟

كم قلت إني غير عائدة له

ورجعت .. ما أحلى الرجوع إليه ..


في المقهى

جواري اتخذت مقعدها

كوعاء الورد في اطمئنانها


وكتاب ضارع في يدها

يحصد الفضلة من إيمانها


يثب الفنجان من لهفته

في يدي شوقا إلى فنجانها


آه من قبعة الشمس التي

يلهث الصيف على خيطانها


جولة الضوء على ركبتها

زلزلت روحي من أركانها


هي من فنجانها شاربة

وأنا أشرب من أجفانها


قصة العينين .. تستعبدني

من رأى الأنجم في طوفانها


كلما حدقت فيها ضحكت

وتعرى الثلج في أسنانها


شاركيني قهوة الصبح .. ولا

تدفني نفسك في أشجانها


إنني جارك يا سيدتي

والربى تسأل عن جيرانها


من أنا .. خلي السؤالات أنا

لوحة تالبحث عن ألوانها


موعدا .. سيدتي! وابتسمت

وأشارت لي إلى عنوانها..


وتطلعت فلم ألمح سوى

طبعة الحمرة في فنجانها


الشقيقتان

قلم الحمرة .. أختاه .. ففي

شرفات الظن، ميعادي معه


أين أصباغي.. ومشطي .. والحلي؟

إن بي وجدا كوجد الزوبعة


ناوليني الثوب من مشجبه

ومن الديباج هاتي أروعه


سرحيني .. جمليني .. لوني

ظفري الشاحب إني مسرعة


جوربي نار .. فهل أنقذته؟

من يد موشكة أن تقطعه


ما كذبت الله .. فيما أدعي

كاد أن يهجر قلبي موضعة


رحمة .. يا هند هل أمضى له

وأنا مبهورة .. ممتقعة ..


إنه الآن .. إلى موعدنا

جبهة .. باذخة .. مرتفعة


ورداء يحصد الشمس .. جوى

وفم لون الفصول الأربعة


لا أسميه .. وإن كان اسمه

نقرة العود .. وبوح المزرعة


لو سألت الريش من أجفانه

أتقي البرد به .. لاقتلعه


ركزي يا هند شغلى .. فعلى

سحبات الرصد ميعادي معه


المراجع

(1) بتصرف عن نزار قباني، nizarqabbani.info

مشاركة المقال
x
اغلاق

مذكرات يوميه - نوع غشاء البكاره - الحروف الابجدية - كلام رومانسي - شهر 12 - كلام عن الام - خواطر حب - صفحات القرآن - الجري السريع - محيط المستطيل - كلام جميل عن الحب - كلمات عن الام - كلام في الحب - عبارات تهاني - كلام حب و عشق - طرق إثارة - دعاء للمريض - كلام حلو - الحروف العربية - قناة السويس - العشق - دعاء للميت - محيط المثلث - ادعية رمضان - أعرف نوع الجنين - كلام جميل