الشهيد والشهادة
جعل الله سبحانه وتعالى للشهادة درجة ومرتبة عليا، لا ينالها إلا خاصة عباده والمجتبون من خلقه، قال تعالى ( ويتخذ منكم شهداء )، وقد جعل الله سبحانه وتعالى لمن يستشهد في سبيله كرامات وعطايا، فالشهيد عند ربه له عدة خصال قال عليه الصلاة والسلام :( للشهيد عند الله سبع خصال : يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من فتنة القبر، ويأمن يوم الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه) ولا شك في أن الوصول إلى هذه المرتبة لا يتأتى بمجرد الأماني، وإنما يكون ببذل النفس في سبيل الله تعالى، وإن الشهادة لها مراتب ودرجات، ففي الحديث عن احسن وأفضل مراتب الشهادة، وهي أن يعقر جواد الرجل المسلم في المعركة ويهراق دمه، كما أن الشهداء هم على أنواع وأصناف.
أصناف الشهداء
فرق العلماء المسلمون بين الشهداء ومراتبهم عند الله تعالى، كما ميزوا في الأحكام التي تتعلق بكل منهم، فأنواع الشهداء هم ثلاثة: شهيد الدنيا، وشهيد الآخرة، وشهيد الدنيا والآخرة، فأما شهيد الدنيا: فهو الرجل الذي يقاتل في المعركة، ولا تكون نيته رفع راية الدين، وإنما يقاتل لأغراض أخرى، وإن هذا النوع من الشهداء يسمى شهيد دنيا؛ لأن ظاهر الأمر أمام الناس أنه قتل في المعركة وأهريق دمه في سبيل الله، وإنما لا يحصل على أجر الشهيد في الآخرة؛ لأنه قاتل رياء، أو ليرى موقفه في المعركة، وإن هذا النوع من الشهداء تجري عليه أحكام الشهداء كغيره من حيث إنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه.
أما النوع الثاني من الشهداء فهو شهيد الأخرة، وهو الإنسان الذي يموت بسبب من الما هى اسباب التي حددها النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث، فالذي يموت غرقا شهيد، والذي يموت حرقا شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة كذلك، وهذا النوع من الشهداء لا تجري عليه أحكام الشهداء في الدنيا، حيث يغسل ويكفن ويصلى عليه، وإن نال أجر الشهداء في الآخرة، ويندرج تحت هذا التصنيف من قتل دون ماله أو عرضه أو دينه.
أما النوع الأخير من أنواع الشهداء فهو شهيد الدنيا والآخرة، وهو من قاتل في المعركة مع الأعداء فاستشهد، وهذا النوع من الشهداء لا يكفن ولا يغسل ولا يصلى عليه، قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).