تميّزت حضارتنا العربي والإسلامية بمقدار كبير ومضاعف من الجمال؛ فبلا أدنى تبجّح امتلأت حضارتنا بأنواع الجمال المختلفة، بالأدب الجميل والشعر العربي الذي طاف في كافة زوايا وخفايا النفس الإنسانية، وبالموسيقى العربية الأصيلة التي خُلِّدت إلى يومنا هذا من خلال الآلات التي كانت مستخدمة على امتداد التاريخ العربي الإسلامي والتي أصبحت أساساً لآلات غربية، وبفن العمارة الذي لن يجد الإنسان له مثيلاً مهما شرَّق أو غرَّب في كافَّة أنحاء المعمورة، وبجمال النساء العربيّات والرجال العرب الذين أصبحوا مضرباً للأمثال في كل زمان ومكان، وبالخط العربي الذي صار خطَّاً خالداً مستعملاً حتى في زمن الانحطاط الذي نعيشه في يومنا هذا.
يعتبر الخط العربي واحداً من أهم الفنون العربية والإسلامية على الإطلاق، فهو فن رسم الحروف العربية بأشكال جميلة وبفنٍّ راقٍ جذاب، يجذب الإنسان رغماً عنه للقراءة والذهول من هذا الإبداع الهائل. اكتسبت الكتابة العربية هذه الميّزة الجميلة وهي ميّزة رسم الكلمات وعبارات والحروف من كونها كتابة متّصلة، أي أنّ الحروف تكتب بشكل متصل، مما أتاح للكاتب والرسام والخطاط إمكانية رسم الحروف رسماً جميلاً وجذاباً، فظهر ما يعرف بفن الخط العربي.
للخط العربي العديد من الأنواع المختلفة، فهو ليس نوعاً واحداً فقط، ومن أبرز وأشهر أنواع الخط العربي الرئيسية والتي تفرّع كل واحد منها إلى أنواع أخرى عديدة: خط الرقعة، والخط الكوفي، وخط النسخ، وخط الثلث، وخط الإجازة، والخط الديواني، وخط الفارسي، والخط المغربي، وخط الطغرى.
تبزر الأهمية وفائدة الرئيسية للخط العربي (في العصور القديمة تحديداً) إلى كونه حلاً بديلاً مناسباً للعرب والمسلمين عن فن الرسم في ظل انتشار معتقدات بأنّ الرسم مُحرَّم في الديانة الإسلامية، من هنا فقد ابتكر العرب والمسلمون هذا النوع من أنواع الفنون حتى يمارسوا الرسم ولكن بطريقة أخرى، أيضاً لا يمكن إغفال دور الخط العربي في تزيين المصحف الشريف، فالكلمات وعبارات ما بين دفّتي المصحف لا تكتب بطريقة عادية وإنما ترسم رسماً بطريقة تُظهر إجلالاً لكلام الله، وتُظهر أيضاً مكانة القرآن العليَّة. أهمية وفائدة أخرى للخط العربي برزت من خلال استعماله في تزيين الجدران والأبنية مما أضفى جمالاً أخَّاذاً ساحراً يسلب الألباب على هذه الأبنية والتصاميم المعمارية. في عصرنا الحالي برزت أهمية وفائدة أخرى للخط العربي، فهو يستعمل من قبل مصمّمي ومصمّمات الأزياء من أجل تزيين الملابس سواءً ملابس الإناث أم ملابس الذكور، ممّا جعل العرب يعودون ولو قليلاً إلى هويتهم وحضارتهم التي أصبحت في مهبّ الريح بعد الغزو الثقافي الشنيع الذي تعرّض له أبناء هذه الأمة.
