شرع الله سبحانه وتعالى الصّيام تهذيباً للنّفس وتطهيراً لها من الذّنوب والخطايا، فالصّيام هو عبادة الصّبر والصّابرون يوفّون أجورهم عند ربهم بغير حساب، كما أنّ الصّيام جنّة أي وقاية من الذّنوب والمعاصي بتخفيفه لحدّة الشّهوة التي تعتلج في نفوس الشّباب، وإنّ فضيلة الصّيام لا تقتصر على فائدةٍ واحدة بل هي فوائد جمّة للمسلم في حياته وآخرته، فللصّيام فوائد صحيّة كبيرة للجسم والرّوح على حدّ سواء، فهو يعلم الإنسان الصّبر عن الطّعام والإمساك عنه في ذروة اشتياقه إليه، فيشعر الإنسان عندئذ بقيمة النّعمة التي أنعمها الله عليه، كما أنّه بإمساكه عن الطّعام يعوّد نفسه على تناول كميّات معيّنة من الطّعام بدون إفراط أو زيادة قد تسبّب له مشاكل وعيوب السّمنة وزيادة الوزن، وعلى صعيد روح الإنسان ففوائده الصّيام كبيرة من حيث الارتقاء بروح الإنسان وزيادة صفائها وقربها إلى الله تعالى.
صيام الإثنين والخميس
لقد حثّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام على أداء النّوافل من العبادات لما لها من فضل وأجر كبيرٍ عند الله تعالى، ففي الحديث القدسي عن ربّ العزّة: " ومايزال عبدي يتقرّب إلى بالنّوافل حتّى أحبّه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به إلى آخر الحديث، وإنّ صيام النّافلة هو جزء من النّوافل التي يتقرّب بها العبد إلى ربّه وفي الحديث بيان لفضلها حيث يقول عليه الصّلاة والسّلام من صام يوماً في سبيل الله باعد الله بهذا اليوم وجه عن النّار سبعين خريفاً، كما أنّ المداومة على صيام النّافلة يجعل المسلم من الصّوّامين الذين كافأهم الله تعالى يوم القيامة بأن جعل لهم باباً خاصًّا يدخلون منه ولا يدخل منه أحد غيرهم وقد سمّاه سبحانه بباب الرّيان، وقد خصّصّ النبي الكريم أياماً معيّنة وندب إلى صيامها منها صيام يوم الإثنين والخميس، فلماذا خص النّبي الكريم هذين اليومين بالصّيام ؟
بيّن النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّ الأعمال التي يقوم بها المسلم تعرض على الله تعالى يومي الإثنين والخميس من كلّ أسبوع، لذلك حرص النبّي الكريم على صيامهما وندب المسلمين إلى ذلك بقوله إنّي أحبّ أن تعرض أعمالي على الله وأنا صائم، ذلك أنّ الإنسان في حالة الصّيام يكون أقرب ما يكون إلى ربّه سبحانه وتعالى، فالمسلم يدع طعامه وشرابه من أجل إرضاء ربّه سبحانه وتعالى وهذا الحال مظنّة قبول الرّضا من ربّ العزّة ومظنّة تنزّل الرّحمات الإلهيّة وإجابة الدّعوات وتفريج الكربات وتقبّل الأعمال وغفران الذّنوب.
