صلّى المسلمون حين فرضت عليهم الصّلاة نحو بيت المقدس نحو ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا كما روي في الصّحيحين، وقد كان اليهود يصلّون إليه من قبل ويجعلونه قبلتهم، وقد اطّلع الله عزّ وجل على حرص النّبي صلّى الله عليه وسلّم على أن تكون قبلة المسلمين مختلفةً عن قبلة أهل الكتاب، وقد كان النّبي الكريم يقلّب وجهه في السّماء دائمًا وهو يتمنّى أن تحوّل القبلة إلى المسجد الحرام والكعبة؛ فهي المكان الّذي أحبّه النّبي وعشقه، وهو المكان الذي حفرت فيه ذكريات المسلمين الأوائل حيث الصّمود في وجه الأعداء من أجل تبليغ الدّعوة، كما أنّ المسجد الحرام لا يخفى على أحدٍ فضله عند الله تعالى، فهو أعظم بيوت الله وأشدّها حرمة، والصّلاة فيه تعدل مئة ألف صلاة عمّا سواه من المساجد، لذلك بقي قلب النّبي صلّى الله عليه وسلم معلّقًا به ويتمنّى في قلبه أن يأتيه أمر الله تعالى بالتّحول إليه كقبلة في الصّلاة، وقد كان النّبي الكريم من شدّة حرصه على أن تكون قبلة المسلمين نحو المسجد الحرام يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس .
وقد بيّن الله تعالى في كتابه سبب جعل القبلة في بادىء الأمر إلى بيت المقدس في قوله تعالى ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلّا لنعلم من يتبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيّه )، فبالتّالي كانت مسألة القبلة امتحانًا واختبارًا للمسلمين حتى جاء الأمر الإلهي للنّبي عليه الصّلاة والسّلام في تحويل القبلة إلى المسجد الحرام .
إقرأ أيضا : تعرف ما هو مسجد قباء
وعندما بلغ المسلمون خبر تحويل القبلة نحو المسجد الحرام سارعوا إلى تبليغ بعضهم البعض، وقد وصل أحد الصّحابة إلى مسجدٍ يقع في الجهة الغربيّة من المدينة المنوّرة، وكان النّاس يصلّون فيه نحو بيت المقدس، فقام بالمناداة عليهم وهم يصلّون حتّى يستقبلوا الكعبة في صلاتهم، فقاموا بتحويل أنفسهم نحوه وهم في صلاتهم، وقد سمّي المسجد بهذا الاسم بسبب تحويل القبلة، وحين سمع المسلمون بخبر تحويل القبلة استجابوا لأمر الله تعالى وهم في صلاتهم، وقد توجّهوا نحو قبلتين في صلاةٍ واحدة.
وقد عني الخلفاء بهذا المسجد الشّريف؛ حيث قام الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز بتجديده، وفي سنة 893 قام الشّجاعيّ شاهين الجمالي الذي كان من المسؤولين عن خدمة المسجد النّبوي برعاية هذا المسجد وصيانته، كذلك فعل الخليفة العثماني سليمان القانوني، ولا يزال المسجد إلى الآن يحظى بالرّعاية من قبل المسلمين .
