من المعلوم أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم قد بيّن للأمّة عدداً من الذّنوب والمعاصي تعدّ من الكبائر، وهي ما ارتبطت بوعيد الله تعالى وعذابه، فهي تختلف عن صغائر الذّنوب من حيث إنّ الصّغائر تكفّر عن الإنسان بمجرّد الاستغفار منها والإنابة إلى الله تعالى بتوبة نصوح، وقد يكون هناك عددٌ من الأعمال تكفّرها مثل العمرة إلى العمرة حيث إنّها كفّارة للذّنوب إذا اجتنبت الكبائر، بينما كبائر الذّنوب فإنّه تقبل توبة العبد منها ولكن يكون أمره إلى الله تعالى إن شاء غفر له وإن شاء عذّبه، ومن بين تلك الكبائر عمل يعدّ من كبائر الذّنوب وهو الشّرك بالله تعالى، فتعرف ما هو الشّرك بالله تعالى؟
الشّرك بالله تعالى هو أن يشرك العبد في عبادته غير الله تعالى من بشرٍ أو حجرٍ أو غير ذلك، لذلك سمّى الله تعالى الكفّار في عهد الجاهليّة مشركين بسبب أنّهم أشركوا شركاء بزعمهم في عبادتهم مع الله، فكانوا يعبدون الأصنام وهي في ظنّهم أنّها وسيلةٌ تقرّبهم إلى الله تعالى، فجاء النّبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم برسالة التّوحيد إليهم ليخرجهم من ظلمات الشّرك إلى نور التّوحيد، فأبطل كلّ معتقدات الشّرك وأعماله، فأصبح النّاس موحّدين في القول والعمل والاعتقاد.
وقد بيّن الله تعالى أنّه لا يغفر الشّرك به ويغفر ما دون ذلك من الذّنوب، في قوله تعالى ( إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، وعدّه الله تعالى من الضّلال البعيد والخسران المبين، وفي الحديث أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه، كما ذكره رسول الله عليه الصّلاة والسّلام في جملة الكبائر الموبقات بل كان على رأسها.
وهناك شركٌ خفي لا يتنبّه إليه كثيرٌ من النّاس وهو الرّياء الذي حذّر منه النّبي عليه الصّلاة والسّلام، حيث يصلي الإنسان مثلاً وهو يراعي كيف ينظر النّاس إليه، فتراه يجوّد من صلاته ويخشع فيها حتى يقال عنه كذا وكذا، كما أنّ كثيراً من الأعمال التي نراها عند القبور من حيث التّمسّح بها والتّبرك والاستغاثة بالأولياء تعدّ من درجات الشّرك التي جاء الإسلام ليبطلها جميعها، وأخيراً على المسلم أن يحرص على أن يكون صحيح العقيدة موحّداً لله في شأنه كلّه، وفي الأثر لا يرجونّ أحدٌ إلا ربّه ولا يخافنّ إلا ذنبه، جعلنا الله جميعاً من يعبد الله حقّ عبادته.