القُرب من الله
غاية وجود الإنس والجنّ هي عبادة الله عزَّ وجلّ، وكثيرٌ من الناس يغفلون عن هذا الهدف وهذهِ الغاية ويكون جُلّ همهمّ في أمور الدُّنيا وشؤونها التي لا تنقضي ومشاغلها التي لا طائل لها، ولعبادة الله سُبحانهُ وتعالى لذّة لا تُعادلها لذّةٌ أُخرى ولا تكون هذهِ اللذة إلا بسبب القُرب من الله تعالى، فمن تقرّب إلى الله تقرّب الله إليه وإنَ الله قريب ممّن لجأ إليه ودعاه وتوكّل عليه.
القرب منزلة عظيمة ومرتبة رفيعة، ويعني القُرب أن تكون في جِوار الله ومعيّته ومحطّ رعايته، ولا يكون هذا القُرب إلاّ من خلال التقرّب من العبد لربّه أولاً، ثُم قبول الله لك وهوَ كريمٌ جلّ جلاله، فما هوَ التقرّب من الله سُبحانهُ وتعالى.
كيف أتقرّب إلى الله عزَّ وجلّ
هوَ التزلّف إلى الله تعالى بصالح العمل والعبادات، والتقرّب إلى الله هو بذل الجُهد في السعي إلى الله والمضيّ قُدُماً على صراطه المُستقيم، والذي يضع قدميه على طريق الله فلا بُدَّ وأن يصل، ولا بُدّ أن يقترب، فإذا اقترب كانَ من الفائزين، وللتقرّب إلى الله سُبحانهُ وتعالى ما هى اسباب ووسائل ينبغي على العبد أن يسلكها حتّى يقترب من ربّه عزّ وجلّ.
- التوبة إلى الله عزَّ وجلّ من جميع الذّنوب، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ومتى ما خلا قلب العبد من الذنوب والمعاصي كانَ أكثر نقاءً وصفاءً وأكثر إحساساً بالطاعات وبحلاة الأيمان، فالصالحون يقولون بأنَّ التخلية قبل التحلية، أي أنّ تخلية القلب من الذنب والمعاصي وحُبّ الشهوات هو طريق تحلية القلب بحلاوة الإيمان وبطيب القُرب من الله عزّ وجلّ.
- عقد النيّة والإخلاص التامّ لله سُبحانهُ وتعالى في كلّ عبادة وكلّ طاعة، والبُعد عن الرياء أو السُمعة في الأعمال التعبّدية أو المُعاملات مع الناس.
- التقرب إلى الله سُبحانهُ وتعالى بالفرائض وبالأخصّ بأركان الإسلام الخمسة كعبادة الصلاة والزكاة والصوم والحجّ، فاحسن وأفضل ما يتقرّب العبد إلى ربّه بما افترض ربّهُ عليه ثُم بعد ذلك يبذل الوسع في القيام بالنوافل وهي العبادات الإختياريّة التي لم تُرفض علينا وإنّما نؤدّيها طمعاً في مغفرة الله لنا وطمعاً في قُربه، فما زال العبد يتقرّب إلى الله بالنوافل حتّى يُحبّهُ الله، فإذا أحبّه الله كانَ ناصراً لهُ ومؤيّداً له في سائر حياته.
- الإكثار من الأعمال التي تؤدّى خفية عن أعين الناس، كعبادة الصدقة وقيام الليل، والبكاء من خشية الله.
- إحسان مُعاملة الناس وأن يكون العبد مصدر خير لإخوانه وعوناً لهُم، فـ "الله في عون العبد ما دامَ العبد في عون أخيه"، وأقرب الناس إلى الله أحاسنهُم أخلاقاً.