الأمّة الإسلامية
تميّزت الأمّة الإسلاميّة عن غيرها من الأمم بأنّها أمّة الوسطيّة والاعتدال بعيداً عن الانحراف أو التّطرف يميناً أو شمالاً، قال تعالى (وكذلك جعلنكم أمّة وسطا لتكونوا شهداء على النّاس ويكون الرّسول عليكم شهيداً)، وحينما ضلّت الأمم السّابقة عن المنهج الحقّ والطّريق المستقيم هدى الله هذه الأمّة لما فيه الحقّ بإذنه فكان منهاجها مثالاً في الاستقامة والاعتدال فلا تشدّد ولا لين، فكيف كان الإسلام دين الوسطيّة والاعتدال؟ وتعرف على ما هى أبرز تجلّيات ذلك في الواقع العملي في حياة المسلمين ؟
مظاهر الوسطية والاعتدال في الإسلام
هناك مظاهر تبين اعتدال ووسطية الإسلام ومنها ما يلي:
الطّعام والشّراب
المسلم في مأكله ومشربه مثال للاعتدال، حيث لا يبالغ في ذلك فيؤدي به إلى الأمراض المختلفة مثل السّمنة وانسداد الشّرايين، وهو لا يهمل كذلك الطّعام والشّراب فيؤدّي ذلك به إلى الضّعف والوهن، بل كان منهج الإسلام مثالاً في الاعتدال حينما قال النّبي عليه الصّلاة والسّلام: (ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فاعلاً، فثلثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ لنفسه).
الإنفاق
المسلم لا ينفق المال الكثير حتّى لا يدخل في باب الإسراف المحرّم، وهو كذلك لا يضيّق على نفسه بل هو يتخذ منهج الدّين الوسطي بدون إسرافٍ أو تقتير، قال تعالى (ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً ).
العبادة
المسلم وإن كان مأموراً بالعبادة لله تعالى لنيل رضا الله سبحانه وتعالى والاستزادة من الحسنات التي توصل إلى الجنّة، إلا أنّه في نفسه الوقت مأمورٌ بأن يعطي لكلّ شيءٍ في الحياة حقّه، فالنّفس لها حقٌ على الإنسان، وكذلك الأهل والبدن، وبالتّالي على المسلم أن يحرص على إعطاء كلّ ذي حق حقه بشكلٍ متوازن دون تقصير في حقّ أحد.
كما أنّ الله سبحانه وتعالى يحبّ العبادة الدّائمة المستمرة وإن قلّت، وأن يدعوه المسلم وهو رفيقٌ بنفسه بعيداً عن الشًدّة، إذ قال عليه الصّلاة والسّلام : (أربعوا على أنفسكم فإنّكم لا تدعون أصماً أو غائباً، إنّما تدعون سميعاً بصيراً ).
لقد استحدثت الأمم السّابقة أفكار الرّهبانيّة والانقطاع إلى العبادة وترك المباحات من أمور الدّنيا من زواجٍ وغير ذلك بدعوى التّقرب إلى الله، ليأتي الإسلام مؤكّداً على حقّ الله تعالى وحقّ النّفس بحيث يوازن الإنسان بين تلك الحقوق بدون أن ينتقص من أيّ منها .
التّعامل مع المخالفين
المسلم يتعامل مع النّصارى واليهود بمنهجٍ واضح، بحيث لا يميل كلّ الميل إليهم ويداهنهم في معتقداتهم الباطلة، بل يكون حذراً في التّعامل معهم فلا يؤثّر ذلك على دينه ومعتقده.
كما أنّ العداوة مع المحاربين منهم تكون كذلك محكومةً بضوابط شرعيّة، فالمعارك والحروب بين المسلمين وأعدائهم نموذج تطبيق فعلي للوسطيّة والاعتدال والمنهج الحكيم، بعيداً عن التطرّف والغلّو وما نراه حاليًّا من سلوكيّات عنيفة يقوم بها أناس ينتسبون إلى الدّين الإسلامي واستهانتهم بالدّماء، فهذه الفئات بعيدة كلّ البعد عن المنهج الصّحيح في الدّعوة إلى دين الله تعالى ومحاورة المخالفين أوقتال الباغين والمعتدين منهم.