عندما خلق الله الإنسان جعل لهُ عقلاً وفؤاد، وآتاه من الحواس وأدوات إدراك المعرفة ما يستدل به على ما يضرّه فيجتنبه، وعلى ما ينفعه فيقبل عليه، وبالتالي فإنّ الإنسان مخيّر وليس مسيّر، فقد هداه الله النجدين أي السبيلين والطريقين إمّا شاكراً وإمّا كفوراً، ونضيف إلى أدوات الإنسان الحسيّة والعقليّة عنصراً رئيساً وهو الوحي الذي وصلَ إلينا من خلال رسالة النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم، كتعرف على ما هى في القرآن الكريم وفي السنّة النبويّة المطهّرة.
وهذا الوحي المنقول إلينا بالتواتر هوَ المنهج الذي ترتسم فيه معالم الطريق، وتتّضح فيه الأمور التي قد تلتبس على القلب وأدوات الإدراك، وفي هذا الوحي أيضاً بيان لما حرّم الله والكبائر والمعاصي وهي ما يجب علينا اجتنابها، وفيه ما أحلّ الله وأباح وفرضَ علينا أداءها وفعلها ويجب علينا الانصياع لأمر الله وأمر رسولهِ صلّى الله عليه وسلّم.
المعاصي
المعصية هي مُخالفة أمر الطالب والخروج على مراده وفعل ما نهى عنه، وقد ارتبطت لفظة المعصية بالمعنى الشرعيّ الذي فيه مخالفة لأوامر الله سبحانهُ وتعالى وهدي نبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم، كما أنّ المعصية لا تأتي بخير على صاحبها؛ وذلك لأنَّ الله سُبحانهُ وتعالى لم يُحرّم أمراً فيه خير على عباده بل حرّم ما يضرّهم ويضرّ غيرهم، فالخمر من الكبائر والمعاصي مثلاً لا يأتي بخير على الفرد والمجتمعات، بل هو ضار ومُهلك بإجماع العقلاء، وكذلك الربا والزنا والقتل والسحر وبقية المعاصي.
طريقة اجتناب المعاصي
- الايمان بالله عزّ وجلّ إيماناً يقينياً وليس إيماناً موروثاً هو السبيل الأول للولوج إلى عالم الطاعة والوقوف على أوّل درجات الخير، فلا يُعقل أن تفعل الطاعات وتجتنب المعاصي دون وجود الطاقة الإيمانيّة والوازع الايمانيّ.
- وجود النيّة الصادقة والعزم على عدم الوقوع في المعاصي؛ فالنيّة هي أساس العمل وبها يقبلنا الله.
- الإقبال على الله بالدعاء أن يجعل الطاعة محبّبة إلى قلبك، وأن يبعد عنك المعصية ويبغّضها اليك، وأن يجعل الطاعة سهلةً ميسّرة لك ويغلق أبواب المعاصي في وجهك؛ فكثيرٌ من الناس الذين أخلصوا لله سُبحانهُ وتعالى نيّتهم ودعاءهم كانت المعاصي تفرّ من أمامهم وتأتي الطاعة مذلّلة جزاءً من عند الله لإخلاصهم ودعائهم.
- عدم الاقتراب من مواضع الفتنة وأماكن المعاصي التي تُعرف بوجود الفتنة فيها والمعصية خلالها، فالاجتناب في اللغة أبلغ من الترك، فأنت عندما تجتنب أمراً ما فإنّك تبتعد عنه بالكليّة، وهذا الابتعاد كفيل بعدم وقوعك في المعصية بإذن الله.
- حُسن اختيار الصحبة؛ فالصحبة الصالحة هي بمثابة المُرشد والدليل نحو الخير وهي عون لكَ على الطاعة وعدم الوقوع في المعصية.