أُحس بقلبي ينبض بقوة، أشعر به كباقة أزهارٍ جميلة، تارة حمراء وتارة بيضاء وتارة يجمع كل ألوان الجمال بنبضاته، يرقص فرحاً وطرباً على ألحان سمفونية تعزف كل حب وعشق، ذلك القلب الذي تشعر بلحظة ما أنّه يعشق كل من وجد على هذه الأرض، دون أدنى ذرّة حزن تذكر ودون أيّ مشاعر كره تختزن داخل أعضائنا.
إحساس يأخذك إلى أبعد نقطةٍ عن دنيا الأحقاد والشرور التي تحيط بنا، إحساس يجعلك تدرك أسمى معاني الحب، إحساس يجعلك تعي معنى الفقد الحقيقي "للحب" لحب ذلك القريب منّا أكثر من أرواحنا، إحساس لا يدركه إلّا من وضع ثقتة الكاملة بذلك الذي يحبه قلبنا وينبض له عشقاً، ذلك الذي امتلكنا بلطفه وكرمه، ذلك الذي يشعرك بمدى أهميتك بالنسبة له وكأنه ليس في الكون الواسع سواك، مهما كُتب من كلام، نبقى عاجزين عن وصف ذلك الذي نبض القلب شوقاً لرؤياه، ومهما فعلنا من أعمال وأداء طاعات نبقى عاجزين عن شكر الرب الذي أوجدنا من العدم وأنعم علينا من نعمه العظيمة، واغدق علينا رحماته وغفرانه.
الله، يا الله، يخفق القلب خشية واستسلاماً لنطق اسمه، فكيف يكون الحال إن حان الوقت للوقوف أمام عظمته والنظر لوجهه الكريم، كيف يكون الحال إن نحن قصّرنا في أداء ما كتب علينا من واجبات، كيف يكون الحال إن نحن انتهكنا المحرمات، كيف يكون الحال وقت الوقوف والعرض على الله، كيف سيكون الشعور إن كنت أعلم بيني وبين نفسي أنّني قصرت بحق الله ولم أكن إنساناً صالحاً كما ينبغي، كيف وكيف؟ أسئلة كثيرة تدور داخل أذهاننا إن كنا نعلم حق العلم بشدة هول الموقف وشدة رهبته، كيف لا؟ وأنت تقف أمام الجبار، وأنت تقف أمام خالق السموات والأرض وما فيهما؟
نحن كبشر خطّاؤون ولسنا أنبياء ورسل لنكون معصومين من الخطأ، (فكل إبن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابين)، ويجب على كل واحد منا أن يسعى دوما لإدراك رضى الله وعفوه، حتى وإن ارتكبنا المعاصي والزلات يجب علينا كمسلمين السعي دائما لنيل العفو والمغفرة من الله، وأن نعمل جاهدين على تكفير ذنوبنا، وفي هذا المقال البسيط سنستعرض أهم سؤال وأعظم سؤال من الممكن أن يطرحه كل واحد فينا، ألا وهو
كيف نرضي الله
أجلّ وأعظم ما يصرف العبد إليه همّته هو الالبحث عن رضى الله تعالى، والابتعاد عن كل ما يسخطه، وهذا هو أصل دين الإسلام، وأصل الشرع الذي بعث فيه الرسول صلوات الله وسلامه عليه، قال صلّى الله عليه وسلّم: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك)، ولذلك فأول ما يرضي الله عن عبده هو:
- توحيد العبد لله والإيمان به إيماناً مطلقاً لا يشوبه شكّ ولا خلل، وأن لا يشرك به أحد، وسعي المؤمن إلى نصرة نبيّ الله من خلال الدفاع عنه وعن رسالته ومن خلال تصديق كل ما جاء به النبي والالتزام به.
- الالتزام بكلّ ما أمر الله به من معروف والإبتعاد كل البعد عن كل ما نهى عنه من منكر، وسعي الإنسان الدائم إلى أداء الطاعات على أكمل وجه (من صلاة وزكاة ودعاء)، حتى وإن صدر منه قصور ليسعى جاهداً إلى أن يمحو كل ما عليه من سيئات من خلال الأعمال الحسنة (فالحسنات يذهبن السيئات) كما أخبرنا ديننا الحنيف.
- سعينا الدائم إلى برّ والدينا وعدم عقوقهم.
- إعطاء كل ذي حقّ حقّه وعدم ظلم الآخرين وإلحاق الأذى بهم.
- طلب العفو من الله ومدوامة الدعاء، ومن أهم الادعية الواجب إلتزامها (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فأعفو عنا)، (اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).
- الاستغفار الدائم، فهو كفيل بزرع الطمأنينة وراحة في قلب الإنسان، ويجلب رضى الله ومغفرته.
فيا خالق السموات في سبع ليالٍ، ويا مخلص إبراهيم من نيران الحقد والظلام، ويا إله أعظم الخلق وأشرفهم، ثبّت قلوبنا على دينك، وافتح قلوبنا واهدها ثم اهدها ثم اهدها، وارزق أرواحنا حسن الخاتمة، ورؤية وجهك الجميل يا ارحم الراحمين.