ازداد الحديث عن موضوع المحافظة على البيئة في الآونة الأخيرة بشكل كبير جداً، وذلك بسبب تطفّل الإنسان على الطبيعة وعلى أسس التوازن الموجودة في الكون من أجل إشباع رغباته، وبسبب التطوّر والتقدم والحرب والاستعمار وغيرها. المحافظة على البيئة هي الشغل الشاغل للناس في الآونة الأخيرة، وهي هدف يسعى الجميع من أجل تحقيقها لدفع الأذى عن الأرض، وما قد يلحق بالكائنات الحيّة من أضرار ومن ضمنها الإنسان.
مذ أن كانت الثورة الصناعية شهد الإنسان ما لم يشهده من قبل، سواءً كان هذا في مجالات الصناعة أم التجارة أم الحرب؛ فشهدت حياة الإنسان قفزةً نوعيةً لم تشهد مثلها منذ خلقه حتّى بتنا فيما يُعرف بعصر التكنولوجيا، إلّا أنّ هذه القفزة من العصور المتوسطة حيث كان الحصان هو أسرع وسيلةٍ للنقل إلى عصرنا الحالي الذي غزونا فيه المجموعة الشمسية بأكملها لم تكن دون ثمن؛ حيث مضى الإنسان في الاختراعات المختلفة جاهلاً ومتجاهلاً مضار ما يستخدمه في تشغيلها على البيئة.
سبّب اكتشاف الأضرار التي تركتها الآلات والاختراعات الحديثة نقلةً نوعيةً في حياة الإنسان؛ إذ إنّه وبعدما وعى الإنسان لهذا الضرر أصبح يحاول جاهداً إصلاح ما فعله دون التخلّي عن التطوّر الذي نعيشه، ولهذا وجدت الطرق ووسائل المختلفة لتدوير النفايات وإعادة استعمالها مرةً أخرى وهي الثقافة التي بدأت بالانتشار بشكلٍ كبيرٍ في العالم بأكمله.
ووجد الإنسان أيضاً الطرق ووسائل المختلفة لتوليد الطاقة اللازمة لتشغيل اختراعاته دون اللجوء إلى حرق الوقود الأحفوري باستخدام مصادر الطاقة النظيفة التي لن تجد حلّاً فقط لمشكلة البيئة؛ بل للعديد من المشاكل وعيوب الأخرى كأزمات الطاقة في العالم، والتصارع على موارد الطاقة الذي شهده العالم وما زال يشهده، فما جلب التصارع على هذه الموارد إلّا المزيد من الحرب وما خلفته من دمارٍ على البيئة.
إنّ واجب المحافظة على البيئة لا يقف فقط عند أصحاب القرار والعلماء والمخترعين، بل إنّه يتعدى ذلك إلى كلّ فردٍ موجودٍ في العالم، فكلّ شخصٍ هو جزءٌ من العالم وجزءٌ من البيئة يتأثر بها ويؤثر عليها؛ فإعادة التدوير والاستخدام هي مسؤوليةٌ على كلّ شخصٍ منّا، والحفاظ على الماء يقع على عاتقنا أيضاً، وكذلك الأمر إن كان بوسعنا الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة في ممتلكاتنا وتوليد طاقتنا، وهذه المسؤولية يجب أن تنبع فينا كوننا من البشر أعقل المخلوقات في العالم، فإن كانت الحيوانات تحافظ على البيئة بغريزتها فكيف للإنسان الذي يملك العقل ألّا يفعل ذلك!
خلف لنا أجدادنا العديد من الاختراعات والاكتشافات المختلفة التي جعلت من عصرنا عصر التكنولوجيا والتطور، وباباً للتطور البشري الذي لم يشهد مثله الإنسان مُذ خلق، إلّا أنّهم خلّفوا لنا الضرر الواقع على البيئة التي لا يمكننا مهما بلغ بنا التطور الاستغناء عنها؛ فإن اختلف الناس جميعاً في كلّ شيءٍ لا بد أن يتفّقوا إن كانوا عاقلين على هذا الأمر.