خصائص التشريع الإسلامي
التشريع الإسلاميّ هو ذلك العلم الذي يختصّ بدراسة الفقه الإسلاميّ في عصر الرسول محمّد عليه الصلاة والسلام وما بعده من العصور اللاحقة، فالتشريع الإسلاميّ تشريع سماويّ قائم على خصائص ومميّزات تجعل منه ميزاناً عادلاً في تحقيق المساواة والعدالة بين الجميع، وسنتعرّف في هذا المقال على خصائص التشريع الإسلاميّ الذي عُدَّ من أسمى التشريعات وأرقاها.
السعة والاستيعاب
يعني ذلك الاكتفاء بالنظريات القانونيّة لتنظيم الحقوق والالتزامات والمصالح العامة المُبتدِئة من علاقة الفرد بأسرته من أحكام الزواج، إلى أحكام الميراث وما بينهما، وينتهي بأحكام القانون الدوليّ الذي يُنظم علاقة الدولة الإسلاميّة بغيرها من الأُمم في حالة السِلم والحرب، وكل هذه الأمور قد نظّمها النظام القانونيّ في الشريعة الإسلاميّة السامية بأعدل القواعد، وأسمى الأحكام، فهي قواعد ومبادئ خالدة وعادلة تشمل الرعاية التامّة للمُثل الإنسانيّة العُليا.
الدقّة المتناهية
فهو دقيق في بناء الأحكام، فالدارس والباحث في مسائل الفقه الإسلاميّ يشعر وكأنّه أمام ميزان يوزن به بدقة دون رجحان لشيء مُعين، وتظهر به الفروق بين المُتشابهات مهما تشابهت وغَمُضت.
مرونة أصوله ومصادره
ذلك إمّا في النصوص القرآنيّة العظيمة، أو السنّة النبويّة الشريفة، وسواءً كانت طُرقاً، أومسالكاً، أو قواعداً أو مقاصداً، فطريق الاستحسان مثلاً يفسح المجال أمام تقرير الأحكام الاستثنائيّة على خلاف القياس عند اختلاف الظروف بين المسائل المتشابهة التي يُقاس بعضها على بعض في الأحكام، فمثلاً أحكام المفقود وهو الذي فُقد ولا أحد يعلم أين هو، فالحكم الفقهيّ في علاقاته وحقوقه وأمواله أنّها تُجمد فلا يرث ولا يورّث منه حتّى تثبت حياته، أو وفاته بقرائن ودلائل تُثبت وفاته، فعندئذ يُحكم بوفاته وتُقسَّم أمواله ورأى عمر رضي الله عنه أن تطبيق هذا الحكم والقياس على الزوجة المفقود زوجها فيه حرجٌ وضرر بليغ على الزوجة.
مكانة العرف في الشرع الإسلامي
فالعُرف مصدرٌ هام ودائم للأحكام القضائيّة حيثُ تتبدل هذه الأحكام العُرفيّة بتبدل العُرف نفسه والعرف هو المُعبِّرعن حاجات المجتمع، لذا فاعتماده في الفقه الإسلاميّ جعله مُستجيباً للأحداث التي تحصل في المجتمع مهما كان فيها من اعوجاج فهي تُقيمه وتُعدله.
بناء الأحكام على أساس التوازن
ذلك بالتوازن بين الحقوق الفرديّة، والمصلحة والحق العام، حيثُ يتضح ذلك في منع التعسُّف في استعمال الحق الخاص، ومنع الاحتكار في التجارة، وفي الحَجر على السفيه، والطبيب الجاهل، والمكاري المُفلس.
بناء الأحكام على أساس الموضوعية
من خلال التجرد من العصبيّة أو العاطفة، والتحلي فقط بفكرة العدل والحق، بقطع النظر عن اللون أو الجنس، أو البيئة، أوالدين، أو أيّ صفة أخرى، ومن الأمثلة عليها حادثة محمد بن عمرو بن العاص فاتح مصر وأميرها عندما سبقه نصرانيّ في سباق فضربه محمد بن عمرو بقضيب ضرباً موجعاً وقال له: أتسبق ابن الأكرمين؟ فلما اشتكى النصرانيّ إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أحضر محمّداً وأباه عمراً بعد أن ثبتت لديه الحادثة وقال لمحمد: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟ ثم أمر النصرانيّ بضرب محمد بن عمرو في المجلس وضرب أيضاً أباه عمرو فلما امتنع النصرانيّ عن ضربه قال عمر: إنّما ضربك بسلطان أبيه.
فقه عربي المنشأ والمصدر
فالقرآن مصدر هذه الأحكام والتشريعات وهوعربيّ، والمؤسّس الأوّل الرسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم هو عربيّ، والكلام الذي نُزل به القرآن هو عربيّ، فهذا الفقه العظيم الضخم تراثاً عربياً خالداً.