فرض الله سبحانه و تعالى على العباد الصّلاة كما فرض عليهم الصّوم و الحجّ و الزّكاة ، و حتّى تستقيم أمور المسلم و يكتمل دينه يجب عليه أن يحرص على أداء تلك العبادات كلّها ، حتّى يتقبّل عمله و يكون عند الله من الصّالحين ، و على الرّغم بأنّ تلك العبادات هي ركنٌ مستقلٌ بذاتها ، فالصّلاة تؤدّى على وجهها خمس صلواتٍ في اليوم و الليلة ، و كذلك الصّيام يؤدّى كلّ عامٍ حيث يمتنع المسلم عن الطّعام و الشّراب حتى تغيب الشّمس ، و الحجّ من حيث هو فرضٌ على كلّ من استطاع إليه سبيلا ، يؤدّى كلّ عامٍ و له مناسك و أركان ، إلا أنّ المسلم مطالب بأداء تلك الأركان جميعها و عدم إغفال أيّ عبادةٍ منها ، لأنّ الإسلام كالبنيان الذي له أركان و أركانه هي العبادات التي فرضها على عباده ، و البنيان الذي ينقص منه أحد أركانه يكون معرّضٌ للسّقوط و خاصّةً عندما يواجه التّحديات المختلفة من رياحٍ و أمطارٍ ، و كذلك المسلم يتعرّض لفتنٍ كثيرةٍ و تحدّيات في حياته ، فإذا لم يتزوّد لمواجهة ذلك بسلاح الإيمان و التّقوى و أداء العبادات على وجهها الصّحيح الكامل ، كان معرّضاً كالبنيان للوقوع في المعاصي و الفتن و بالتّالي نقصان دينه و عدم اكتماله .
و كثيرٌ من النّاس تراه يؤدّي بعض العبادات دون سواها ، فترى أحدهم يصوم و لا يصلّي ، فما حكم من يقوم بذلك عند الله ؟ .
الحقيقة أنّ علماء الأمّة قد اختلفوا في هذه المسألة تبعاً لاختلافهم في حكم الصّلاة و من تركها تكاسلاً ، فقد أجمع العلماء بأنّ تارك الصّلاة جحوداً بها هو كافرٌ مرتدٌ ، لا يقبل منه عملٌ من صيامٍ أو غيره ، أمّا من ترك الصّلاة تكاسلاً فقد اختلف العلماء في قبول الصّيام منه ، فالذي قال بكفر من ترك الصّلاة تكاسلاً أو ارتداده ، رأى بأنّه لا يقبل منه صيامٌ أو غيره من العبادات ، و من يرى بعدم كفر تارك الصلاة كسلاً ، يرى بأنّ الله يقبل منه الصّيام و العبادات و يصله أجرها و ثوابها ، فالمسألة إذن خلافيّةٌ اختلف فيها العلماء ، و على المسلم عموماً أن يحرص على تأدية العبادات كلّها على وجهها الذي شرعه الله .
