هل يجوز للنساء أن تقوم بزيارة المقابر، أو قبر أبيها، أو أخيها أو قريب لها، أم أنّ الشارع الإسلامي يمنع ذلك ويحرمه، سنقوم في هذا المقال -إن شاء الله- بتوضيح هذا الأمر، وذكر حكمه، وبيان جميع الآراء، إن كان مختلف عليه أم لا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إقرأ أيضا : ما يقال عند زيارة قبر الرسول
فزيارة النساء للقبور للعلماء فيها وجهان:
- قول الجمهور بجواز زيارة النساء للقبور إذا كانت الفتنة مأمونة، وليست هناك إحداثات، والدليل على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر على امرأة تبكي عند قبر، فقال لها: "اتقّ الله واصبري"، ولم يأمرها بمفارقة ذلك القبر، ومن الدليل أيضًا أنّ عائشة -رضي الله عنها- سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ماذا أقول إذا أتيت المقبرة يا رسول الله؟، قال: قولي السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون"، وهذان دليلان على جواز زيارة النساء للقبور بشرط أن تكون الفتنة مأمونة، وهناك أدلة أخر.
- أمّا المانعون عن هذا فقد استدلوا في حكمهم بحديث: "لعن الله زائرات القبور"، وهذا حديث ضعيف بهذا اللفظ، وله أيضَا لفظ آخر هو "لعن الله زوارات القبور"، ومن العلماء من ضعف هذا الحديث ويبدو أنّه حسن، ولكن الجمهور وجه له توجيهات منها: أنّه منسوخ بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها، فإنها تذكركم بالآخرة"، وممّا يتأكد به هذا الفهم أنّ عائشة -رضي الله عنها- زارت قبر أخيها عبد الرحمن بعد وفاته، فقيل لها في ذلك ألم يكن رسول الله نهى عن ذلك، قالت: "نعم كان قد نهانا عن هذا ثم رخص لنا فيه"، فهذا القول الأول بأنّ الحديث منسوخ، والقول الثاني أنّه منزل على المكثرات من الزيارة، اللواتي يصاحبن الزيارة بالنياحة والصراخ والعويل والمحدثات من الأمور، وهذا هو الوجه الثاني.
فمن العلماء من ضعفه من العلماء من حكم بنسخه ومن العلماء من نزله على المبالغات المكثرات من الزيارة.
ولا تنسى ايضا الاطلاع على : من هي خطيبة النساء
واستدل المانعون أيضًا بما يروى أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى فاطمة مقبلة من ناحية المقابر، فقال لها: "من أين أقبلت يا فاطمة"، قالت: "كنت عند بنى فلان أعزّي إليهم ميتهم"، قال: "هل بلغتي معهم القُدي"، قالت: "لا"، قال: "لو بلغتيها ما دخلت حتى يدخلها جد أبيك"، وهذا الحديث ضعيف سنداً منكر متنًا؛ لانّ الخبر فيه أنّ زيارتها للقبور تمنعها من دخول الجنة، كما يمنع المشرك من دخول الجنة، وهذا نكارة في المتن إضافةً إلى ضعف الإسناد، كما أنّ المتن معارض بحديث أم عطية: "نهينا باتباع الجنائز ولم يعزم علينا"، أي لم يشدد لنا في المنع، وإنمّا هذا في اتّباع الجنائز، أمّا الزيارة المحضة، فرأي جمهور العماء بالجواز بشرط أن تكون الفتنة مأمونة والله أعلم.
