الحياة بالنسبة للمرأة مشوار طويل من الحزن والفرح، ومن التعب والراحة، ومن الأمل واليأس، تفتحهُ منذ اللحظةِ الأولى لولادتها، منذ اللحظة التي يهبطُ فيها النورُ على وجهها، وتبدأُ ذاكرتها بتنفسِ العمر لحظة بلحظة، ولقطة بلقطة، وتلامسُ براعمُ كفَّيها أول حضن وأول جسد، جسدَ أمها، وبعدها تبدأُ سنواتها بالركض مسرعةً إلى الفضول والمعرفة والتجربة، إلى الدنيا، فتمسكُ القلم في سنواتها الخمس، وتخطُ أحرفها الأولى، ثمَّ تتعلمُ الحسابَ واللغة والقراءة، والتاريخ والعلوم، عامًا فعام، ثمَّ تقفزَ مرة واحدة فتجدُ نفسها، تفتَّحت كوردة جورية بكلِّ الألوان، وتنطلقُ في هذهِ البوتقة تنمحُ الآخرين عبريها، فقد خُلقتْ المرأة لتكون عطرًا للعابرين، وضوءً للتائهين، وفي زحمةِ العمل والعطاءِ والتربية، تستيقظُ في يومٍ، وتنظرُ إلى المرآه فتجدُ نفسها، قد كبرتْ كثيرًا عن تلكَ الطفلة التي هبطَ عليها النور في لحظةِ أمل، وتبدو وكأنّها تريدُ أن تولد من جديد، وتخرجَ من هذا الجسد المُسن، وهذهِ التجاعيد المنتشرة، ومن دون أن تعي تجد المجتمع قد وضعها بعد كل هذا العمر في سجن صغير، يسمِّه الناس سنَّ اليأس، هل صحيحْ أنَّ هذهِ المرحلة العمرية من حياة المرأة هي مرحلة اليأس والاتكال والاستعداد للموت؟
بدايةً كيفَ تصل المرأة لهذهِ المرحلة؟
توصف هذهِ المرحلة بأنّها توقف المبيض عن إنتاج البويضات وإنتاج هرمونات البروجيسترون والإستروجين الأنثوية، وطبيًا، توصف المرأة بأنّها بلغت سن اليأس من المحيض حينما لا تظهر عليها علامات و دلائل الدورة الشهرية لمدة بين (6-12) شهر، ويرافق هذا الانقطاع أعراض مهمة جدًا تتلخص في النقاط الآتية: 1- الشعور بهبات من السخونة والحرارة بذات في الصدر والرقبة، وقد تحدث هذهِ الهبات عدة مرات في اليوم وكذلك في الليل. 2- صعوبة في السيطرة على البول. 3- تقلُّبات شديدة في المزاج وزيادة الحدة والعصبية. 4- فقدان كثافة العظم بسبب نقص هرمون الإستروجين؛ ممّا يُعض المرأة لمرض هشاشة العظام. 5- تغير في مستوى الكوليستيرول حيثُ أنّه تزيد نسبة الكوليستيرول السيء LDL. وتقلّ نسبة الكوليستيرول الجيد HDL. بسبب نقص هورومون الإستروجين 6- الصداع والقلق والأرق كذلك البدانة والنقرس وأعراض أخرى.
طريقة التغلب على مخاطر هذهِ المرحلة؟ صحيح أنَّ هذهِ المرحلة، هي فترة الزامية يجب أن تمرّ بها كل أنثى وصحيح أنّها مرحلة صعبة بسبب التغيرات المتعددة التي تمر بها المرأة، ولكن هذا لا يعني الاستسلام للمرض والألم والقلق؛ لأنَّ اليأس مرض اخطر من كل الأمراض السابقة. وفيما يلي بعض النصائح التي تساعد المرأة على متابعة حياتها بشكل طبيعي والتمتع بكل تفاصيلها كما لو كانت شابة. 1- العلاج و دواء بالأدوية: يمكن اللجوء إلى أخذ الهرمونات البديلة للتغلب على أعراض نقصها مثل: هرمون الأستروجين، كذلك تناول بعض الأدوية مثل: أدوية الصرع والأرق، ولكن بكميات معقولة وبعد استشارة الطبيب.
2- ممارسة الرياضة: إنَّ الرياضة عامل مهم جدًا في تقوية وتنمية العظام ووقايتها من الأمراض المستقبلية، كما أنّها تقلل من دهون الجسم التي تعطي رصيدًا إضافيًا لأمراض القلب والشرايين.
3- التغذية الجيدة : إنَّ تناول الغذاء الصحي المتوازن يُمدُّ الجسم بحاجته من السعرات الحرارية والمواد الغذائية الأساسية، كذلك تناول بعض المكملات الغذائية مثل المعادن والفيتامينات، على سبيل المقال فيتامين E، فهو من شأنه أن يقلل من هبات السخونة، وكذلك وجد أنّ تناول حبوب الصويا يُمدّ الجسم بكمية لا بأس بها من مادة تركيبها شبيه بتركيب هرمون الأستروجين؛ مما يقلل من أعراض نقصه.
في النهاية إنَّ الحياة جميلة إذا نظرنا إليها على هذا الشكل، وإذا اقتنعنا بها هكذا، وحاولنا قدر المستطاع أن نستمتع بكل دقيقة بها.