قصور البادية الأردنيّة
إنّ وجود القلاع، والقصور، والأبراج، والحمامات القديمة، والقصور المحصنة؛ والتي يطلق عليها قصور البادية تعرف على ما هى إلا معالم تدلّ على ازدهار المنطقة في مرحلةٍ من مراحل التاريخ السابقة، وجميع هذه المعالم والمؤشرات تنتشر في البادية الشرقية الأردنية.
وتنقسم هذه القصور إلى نوعين هما: النوع الأوّل من القصور والذي كان يستخدم لإقامة ومنامة الخلفاء الأمويين فيه ومن يرافقهم في رحلات الصيد الدورية التي كانوا ينظمونها، إذ يأتون إلى الصحراء للراحة والاستجمام والترفيه عن النفس. أمّا النوع الثاني مها فقد كان مخصصاً لخدمة القوافل التجارية القادمة من شبه الجزيرة العربية وحمايتها أثناء استراحتها على طول الطرق ووسائل التجارية، حيث لم تكن هذه القصور للراحة والاستجمام فقط، بل إنّ البعض منها يحتوي على آبار وبرك لجمع مياه الأمطار لاستخدامها في الزراعة واستصلاح الأراضي، وبعضها كانت تستخدم كحصونٍ دفاعية لحماية الطرق ووسائل التجارية وطريق الحج.
قصر عمرة
قصر عمرة عبارة عن بناء صغير الحجم إذا ما قورن بالقصور الصحراوية الأخرى، ويقع في محافظة الأزرق إلى الشرق من مدينة الزرقاء في دولة الأردن، وقد بناه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك ليكون مقراً له ولمرافقيه من الحاشية أثناء رحلات الصيد.
يتكوّن القصر من عدّة أروقة، وقاعة استقبال واسعة مستطيلة الشكل، ويتصل الرواق الأوسط من الجهة الجنوبية بحديقة كبيرةٍ ورواق آخر يطلّ على حديقتين مكشوفتين كانتا تستخدمان للقيلولة، ويجاور قاعة الاستقبال قاعتان مسقوفتان بأقبية ملحق بها حمام واسع به غرفة لتغيير الملابس، وغرفة للماء البارد والساخن والفاتر، وهذه المياه موزعة بواسطة أنابيب فخارية.
يعتبر قصر عمرة تحفةً فنيةً معماريةً إسلاميةً، وتقع هذه التحفة في قلب الصحراء، هذا المكان الذي كان يفيض حيوية وأنس يرتفع شامخاً وسط صحراء قاحلة. واجمل وافضل ما يميز قصر عمرة قبته الرائعة وزخارفه الجميلة ورسوماته التي تمثل رحلات الصيد والحيوانات التى تنتشر في هذه المناطق في تلك الحقبة من الزمن؛ مثل الأسود، والنمور، والغزلان، والنعام، ورسومات لملوك قدماء كان لهم شأن عظيم في ذلك الزمان. وقد نفذت هذه الرسومات الراقية عن طريق طلاء الجدار بمادة الجبص، ومن ثم الرسم فوقها باستخدام الألوان المائية، وكان أكثر الألوان استخداماً اللون الأزرق، واللون البني الغامق، والبني الفاتح، واللون الأخضر.
في إحدى جوانب القصر بئر ماء بعمق أربعين متراً، ويزوّد القصر بالماء باستخدام أنابيب مصنوعة من الفخار تمرّ من تحت أرضية القصر، ومصدر المياه لهذا البئر العظيم هي مياه الأمطار التي تسقط في المنطقة المجاورة؛ إذ يتم جمعها بواسطة قنوات فرعيةٍ تتجمّع لتصب بالبئر.