عندما خلق الله تعالى آدم بيده ونفخ فيه من رّوحه أمر الملائكة بالسّجود له تعظيماً لشأنه وتكريماً ، وقد سجد الملائكة لهذا المخلوق الجديد امتثالاً لأمر الله تعالى ، ولم يأبى السّجود إلا إبليس عليه لعنة الله ، فقد رأى بزعمه بأنّه احسن وأفضل من آدم ، بسبب أنّ الله قد خلقه الله من نار وخلق آدم من طين ، فباء بغضب الله تعالى ولعنته إلى يوم الدّين ، وطلب من ربّ العالمين أن ينظره إلى يوم يبعث الخلق ، فانظره الله تعالى ، وقد تعهّد الشّيطان بأن يوسوس لبني آدم ما دامت الرّوح في أجسادهم .
وقد أكرم الله تعالى آدم بأن أدخله جنّته حيث ينعم فيها فلا يبأس ، ويتمتّع بكل الملذّات فلا يجوع ولا يعرى ، وأمره الله تعالى بأن لا يقرب شجرةً معيّنةً في الجنّة ، فبقي آدم عليه السّلام يسرح في الجنّة ويتمتّع فيها كما يشاء حتى أتاه الشّيطان ، ذلك الذي تمرّد على ربّه سبحانه وتعالى وعصى أمره ، فجاء لآدم وزوجه يوسوس لهما ليأكلا من الشّجرة التي أمرهم الله تعالى بأن لا يأكلوا منها ، وقد منّاهم بأمنياتٍ خادعةٍ وقال لهم هل أدلّكم على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى ، فعرف اللّعين نقطة ضعف آدم عليه السّلام وزوجه وخاطبهم بأمنية الخلود والشّباب المحبّبة إلى قلوبهم ، فضعفت نفس آدم وزوجه حين وسوس لهما الشّيطان ، فأكلا من الشّجرة التي نهيا عن الأكل منها ، وكانت النّتيجة أن بدت لهما سوءاتهما وبدءا يغطّيان عليها من ورق أشجار الجنّة ، وخاطبهما ربّهما معاتباً لهما بأنّه قد نهاهم مسبقاً عن الأكل من هذه الشّجرة ، كما بيّن لهما ربّ العزّة جلّ وعلا عداوة إبليس اللعين لهما ولذرّيتهما ، فوقف آدم عليه السّلام وزوجه بين يدي ربّه مستغفراً له مبّيناً ظلم نفسه ، فغفر الله تعالى صنيعه وتاب عليه حين تبيّن أنّه لم يكن قاصداً ارتكاب الذّنب ومعصية الرّحمن .
وبعد أن تاب الله تعالى على آدم من ذنبه أنزله من الجنّة إلى الأرض واستخلفه فيها ، فنزل آدم وزوجه إلى الأرض ومنذ ذلك الوقت والبشر يتناسلون ويتوالدون حتى كثر البشر وظهرت الحضارات المختلفة التي انحرف بعضها عن طريق الله المستقيم فبعث الله تعالى الرّسل مبشّرين ومنذرين حتّى لا يكون لأحدٌ حجّة على الله من بعد الرّسل .