ترتيل القرآن
حتى يتوضح لنا الحديث عن عنوان موضوعنا، وهو طريقة كيف أتعلم ترتيل القرآن، علينا أن نبدأ سوية من الفرق بين ترتيل القرآن وتجويده، الترتيل والتجويد معناهما متقارب، فترتيل القراءة الترسل فيها، كما قال الله تعالى: "ورتلناه ترتيلا"، فهو بذلك صفة ملازمة للقراءة الملتزمة بأحكام التجويد في المراتب الثلاثة، وهنا نقصد مراتب القراءة التي سنقوم بالتعريج عليها لاحقا أما تجويده أي الإتيان به جيدا.
إن كل من بين كلامه عند القراءة حرفا حرفا يكون قد رتل، وعليه فإن علم الترتيل يعرف على أنه وحي من عند الله تعالى، وقد نزل القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي جبريل عليه السلام مرتلا، وتم تبليغه كما تلقاه من الله بلا زيادة أو نقصان، ثم للصحابة الكرام ومن لحقهم من التابعين حتى وصل إلينا وسيبقى إلى يوم القيامة محفوظا، وجاء علم الترتيل بهدف حماية وحفظ القرآن الكريم ومنعا لانتشار أنواع اللحن المختلف خاصة بعد دخول الأعاجم في الدين الإسلامي.
انتقالا للتجويد فهو يرتبط بالإتقان والتحسين أثناء القراءة، أما علم التجويد فهو ذلك العلم الذي يبحث في كيفيات نطق الحروف، ويكون بالاهتمام بمخارج طرق ووصفات الحروف وكل ما يعرض لها من أحكام في جميع الحالات، ويقصد بهذه الحالات أي الوقف، والابتداء، والقطع، والوصل وغيرها.
بما أننا نقصد الترتيل، وكما بدأنا في مقدمة حديثنا، يتوجب علينا شرح أهم الأمور المتعلقة بالتجويد، فالترتيل درجة من درجات التجويد، وعلى من أردا تحسين ترتيله، يطلب منه تحسين تجويده، أي معرفة أحكام التلاوة المتعلقة بأحكام النون الساكنة والتنوين، كذلك أحكام الميم الساكنة، ومخارج الحروف وصفاتها، إضافة إلى المدود وغيرها.
حكم التجويد
يمكننا تقسيم التجويد إلى جانبين، النظري المتعلق بمعرفة وحفظ وفهم قواعد أحكام التجويد ويعد ذلك فرض كفاية، أما الجانب الآخر فهو العملي الذي يركز على تطبيق القواعد التجويدية النظرية أثناء تلاوة القرآن، وهو واجب على كل من يقرأ القرآن الكريم.
اللحن
ذكرنا سابقا أن الهدف الرئيس من علم الترتيل هو منع انتشار اللحن، ويمكن تعريف ومعنى اللحن على أنه الخطأ في الإعراب أو القراءة والانحراف فيها عن الصواب، وهو منقسم إلى عدة أنواع يعرف أشهرها باللحن الجلي، حيث يقوم القارئ بتغيير حركة حرف أو تغيير إعرابه أو إبدال حرف مكان حرف آخر، وهذا يعد من الحرام أي يطول فاعل ذلك إثم، أما اللحن الخفي فهو الخطأ المرتبط بأحكام التجويد مثل: ترك المد، الإخفاء وغيرها، وهذا يعد من المكروه.
مراتب القراءة
نصل الآن إلى مراتب القراءة والتي تقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسة: هي التحقيق، والتي تعد من أعلى درجات الإتقان والتأني، أما القسم الثاني فهو الحدر، ويعتبر من القراءة السريعة لكن دون إخلال في الحرف، مخرجه وصفته، وأخيرا وليس آخرا فهو التدوير وهي درجة متوسطة بين النوعين السابقين، طبعا مع الانتباه إلى قواعد التجويد.
أحكام النون الساكنة والتنوين
هنا سنقوم بتوضيح كل من الإظهار، الإدغام، الإخفاء والإقلاب، وسنبدأ بالإظهار:
- الإظهار: تلقائيا تذكرنا كلمة الإظهار بالبيان والوضوح، وأحرفه هي الهمزة، الهاء، والعين، والحاء، والغين والخاء، علما بأن هذه الحروف قد تم جمعها في بيت شعري واحد، حيث إن كل كلمة منه، تبدأ بحرف الإظهار، وهو: أخي هاك علما حازه غير خاسر. إن وجود النون الساكنة أو التنوين تليها إحدى هذه الحروف يعني أن علينا أن نطبق الحكم فننطق الحرف دون تغيير عليه ولا حتى غنة.
- الإدغام: يتعلق الإدغام بالإدخال، أي كأننا نقوم بدمج حرفين بحيث يصبحان حرفا واحدا مشددا كالحرف الثاني، وأحرفه هي الياء، والنون، والميم، والواو، واللام، والراء وجمعت في كلمة (يرملون).
يقسم الإدغام اعتمادا على الغنة إلى قسمين هما: الإدغام بغنة، الذي تظهر فيه الغنة بمقدار حركتين وحروفه جمعت في كلمة (ينمو)، أما القسم الآخر فهو: الإدغام بغير غنة وهو الإدغام الذي لا تصاحبه الغنة، وحرفاه اللام والراء.
يمكن تقسيمه اعتمادا على الكمال والنقصان إلى قسمين، هما: الإدغام الكامل، وحروفه النون، الميم، الراء واللام، وجمعت في كلمة (نرمل)، أما القسم الآخر فهو الإدغام الناقص وحرفاه الواو والياء، وإذا وقع أحد هذه الحروف الستة (يرملون) بعد النون الساكنة أو التنوين وجب إدغام النون الساكنة والتنوين في هذه الحروف بشرط أن يكونا في كلمتين.
- الإقلاب: أي التحويل، وهو إبدال النون الساكنة أو التنوين ميما مخفاة مع الغنة عند حرف الباء، وهذا يعني أن حرفه هو الباء فقط لا غير، حيث إنه إذا وقعت الباء بعد النون الساكنة أو التنوين في كلمة أو كلمتين، يتم إبدال النون الساكنة أو التنوين بحرف الميم مع إخفاء بسيط وغنة بمقدار حركتين.
- الإخفاء: أما الحكم الأخير من أحكام النون الساكنة والتنوين، فهو الإخفاء أي الستر، حيث يتم النطق بالنون الساكنة أو التنوين بين الإظهار والإدغام، بدون تشديد لكن مع غنة بمقدار حركتين، أما حروفه فهي التي جمعت في البيت الشعري التالي:
صف ذا ثنى كم جاد شخص قد سما دم طيبا زد في تقى ضع ظالما هذا يعني أن حروف الإخفاء هي باقي حروف الأبجدية، حيث أن وجود أحدها بعد النون الساكنة أو التنوين يتطلب تطبيق حكم الإخفاء عن طريق إذهاب ذات أحدهما، مع وضع اللسان في مخرج الحرف الذي تخفى عنده.
أحكام الميم الساكنة
ننتقل الآن إلى أحكام الميم الساكنة ابتداء من الإظهار الشفوي وهو إخراج الميم الساكنة من مخرجها، وذلك إذا أتى بعدها أحد حروف الإظهار، وحروفه جميع الحروف عدا الباء والميم، أما الإخفاء الشفوي فهو أن يقع بعد الميم الساكنة حرف الباء، فتخفى الميم مع الغنة ولا يأتي إلا في كلمتين، وحروفه الباء، أما الإدغام الشفوي فهو أن يقع بعد الميم الساكنة ميم متحركة فتدغم الميم الساكنة بالمتحركة مع غنة، وحروفه الميم.
مخارج الحروف
يجب على من يريد تعلم الترتيل والتجويد، تعلم ما يعرف بمخارج الحروف، فهذا سيساعد على معرفة مكان خروج الحرف، وهذا يعني الممارسة المستمرة للاستماع والتعلم، وسنقوم بإعطاء لمحة عامة عن مخارج الحروف، وهي خمسة مخارج كالتالي:
- الجوف: يخرج منه ثلاثة أحرف، هي: الألف الساكنة بعد فتح، الواو الساكنة بعد ضم، والياء الساكنة بعد كسر.
- الحلق: ويقسم لثلاثة مناطق:
- أقصى الحلق ويخرج منه الهمزة والهاء.
- وسط الحلق ويخرج منه العين والحاء.
- أدنى الحلق ويخرج منه الغين والخاء.
- اللسان ويقسم إلى قسمين:
- مخارج غير الطرف، وتقسم إلى:
- أقصى اللسان ويخرج منه حرفا القاف والكاف.
- وسط اللسان ويخرج منه الجيم، الشين والياء المتحركة أو الساكنة بعد فتح.
- إحدى حافتي اللسان اليمنى أو اليسرى أو منهما معا مع ما يحاذيه من الأضراس، ويخرج منه حرف الضاد.
- أدنى حافتي اللسان الأمامية إلى منتهى طرف اللسان، ويخرج منه اللام.
- مخارج الطرف:
- النون.
- الراء.
- الطاء، الدال، والتاء.
- الصاد، الزاي، والسين.
- الظاء، الذال، والثاء.
- مخارج غير الطرف، وتقسم إلى:
- الشفتان ويخرج منها الفاء، الباء، الميم والواو المتحركة، أو الساكنة بعد فتح.
- الخيشوم وهذا مكان خروج الغنة وتختص بالنون والميم.
صفات الحروف
لمن أراد معرفة طريقة الترتيل والتجويد عليه التعرف على صفات الحروف، فهي تساعد في التمييز بين الحروف المشتركة في المخرج، كما تساعد في تحسين النطق بالحروف، إضافة إلى معرفة الحروف القوية والضعيفة، ويمكن تقسيم صفات الحروف إلى قسمين، هما:
- صفات لازمة: وهي الصفات الملازمة للحرف في كل أحواله، كالقلقلة، والهمس وغيرهما الكثير، ويمكن تقسم الصفات اللازمة إلى:
- صفات لها ضد: الهمس والجهر، الشدة والرخاوة، الاستعلاء والاستفال، الإطباق، والانفتاح، الإذلاق والإصمات.
- صفات لا ضد لها: الصفير، والقلقلة، واللين، والانحراف، والتفشي، والاستطالة، والتكرير.
- صفات عارضة: وهي إحدى عشرة صفة، كالإدغام، والإظهار، والإقلاب، والإخفاء، والمد، والقصر، والتحريك، والسكون، والسكت، والتفخيم والترقيق.
المدود
لا يمكننا تفصيل أحكام المدود ضمن موضوعنا، لكننا سنقوم بإعطاء فكرة بسيطة عنه، حيث يعرف المد بالزيادة، وهو يختص بالألف، الواو والياء، ويمكن تقسيمه إلى المد الطبيعي (الكلمي (مد التمكين، مد العوض) والحرفي) والمد الفرعي (بسبب الهمز: ومد البدل، والمد المتصل والمد المنفصل أما المد بسبب السكون: فهو المد اللازم بنوعيه الكلمي المخفف والمثقل، والحرفي المخفف والمثقل إضافة إلى المد العارض للسكون).