أضرار التقليد وفوائده

أضرار التقليد وفوائده

تستمدّ الأمم هويتها من تراثها الساري في أعماق أبنائها، وأصالتها المتجذرة في قلب التاريخ.. يظهر هذا التراث في العادات والتقاليد التي يتوارثها الأبناء جيلاً بعد جيل، ويتناقلها الخلف عن السلف بحرص واعتزاز، في البداية في العصور القديمة ، كان الشباب الأوروبي من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكل هذه البلاد في فترات مجد المسلمين، يأتون إلى الأندلس؛ ليتلقوا العلم على أيدي العلماء المسلمين، وكانت لغة العلم هي اللغة العربية، فكان لزاماً على كل طالب يريد أن يتلقى العلم الحديث، وأحدث ما وصل إليه العلم أن يتعلم أولاً اللغة العربية، فكان الشاب الغربي إذا رجع إلى بلاده يفتخر أمام أقرانه بأنه درس في بلاد المسلمين، ويعتبر هذا من مظاهر المفاخرة العظيمة، لم يقتصر الأمر على مجرد اللغة العربية فحسب، بل حرص الشبان المسيحيون على ارتداء الأزياء التي تميز المسلمين وقلدوهم في عاداتهم.


كما تعلم الأوروبيون النظافة من المسلمين وقلدوهم في حرصهم على نظافة بدنهم وأجسادهم .. فهكذا كان حال أوروبا مع المسلمين عندما كانوا حرصين على الاعتزاز بدينهم فقد دانت لهم دول الأرض قاطبة، وإذا تطرقنا لأوجه الاختلاف بين كل من المجتمع الشرقي والغربي في عصرنا هذا، فإننا سنلاحظ أن الاختلاف الرئيسي يكمن في أنّ المجتمع الشرقي هو مجتمع غالباً مايكون إسلامياً، مع وجود بعض الديانات الأخرى المتطبّعة بعض الشيء بالمجتمع الشرقي. أمّا المجتمع الغربي فهو مجتمع مسيحي أو يهودي، مع وجود بعض المسلمين المتطبعين بالمجتمع الغربي.


حيث أنّ المجتمع الشرقي تكثر فيه كلمة " ممنوع" على عكس المجتمع الغربي ، ولكن كما يقال بأن: "كل شيء زاد عن حده نقص" فزيادة المنع والسماح تنتج شيء واحد وهو النقص، أمّا بالنسبة لظاهرة تقليد الشباب وهوسهم بالغرب وانبهارهم بهذه القشور الثقافية المتمثلة في اللباس الغربي والإقبال على الموسيقا والفن الغربي بأنواعه المتعددة ، وكذلك تقليدهم للغرب بطريقة المأكل والمشرب هذا أمر طبيعي فهذا ما يرونه منهم، وهذا ما سوّقه الإعلام وعرضه فأصبحت هذه هي صورة الغرب المتقدم، أما إيجابيات الغرب فلم يتم عرضها بشكل كبير ومشجع للشباب بحيث يتم تحفيزهم على الاقتداء بها فللإطلاع على إيجابيات الغرب ورؤيتهم من منظور محايد يتطلب الأمر السفر إليهم والإحتكاك المباشر بهم.


أمّا التقليد الأعمى للغرب فسببه الغزو الثقافي التي نجحت فيه الدول الأوروبية، حيث أنهم يصدرون إلينا فكرهم ولا يستوردون منّا، ولذلك فعلينا بالتقليد المدروس الذي يؤول إلى تقليدهم في حبهم للعلم مثلاً،احترامهم لآراء الآخرين، مثابرتهم في وضع الأهداف، وما إلى ذلك من جوانب إيجابية، وفي الختام نقول إننا نحن، في بلاد الشرق العربي، علينا أن نتأمل ماضينا، لا لكي نرجع به إلى الوراء، ولا لكي نتقوقع وننعزل عن العالم الذي يجري نحو التقدم والإزدهار، وإنما لنأخذ منه حصيلةً حضارية، نعتز بها، ورصيدًا لمسيرتنا إلى الأمام، فإذا استهوتْنا مدنيةُ الغرب، فلا يغرينَّنا ما بلغه بعض الغرب من احتقار لتراثنا العريض العريق أو إهماله أو نسيانه – ففيه غنًى لا ينضب.

مشاركة المقال
x
اغلاق

مذكرات يوميه - نوع غشاء البكاره - الحروف الابجدية - كلام رومانسي - شهر 12 - كلام عن الام - خواطر حب - صفحات القرآن - الجري السريع - محيط المستطيل - كلام جميل عن الحب - كلمات عن الام - كلام في الحب - عبارات تهاني - كلام حب و عشق - طرق إثارة - دعاء للمريض - كلام حلو - الحروف العربية - قناة السويس - العشق - دعاء للميت - محيط المثلث - ادعية رمضان - أعرف نوع الجنين - كلام جميل