كلّ إنسان خلقه الله تعالى وأوجده وأعطاه كل ما يلزمه حتى يكون من العناصر الفاعلة في هذه الحياة الطويلة، لا بدّ عليه أن يمتلك حلماً وتصوراً لما ستؤول إليه حاله في المستقبل؛ حيث إنّ مستقبل الإنسان الفاعل من وجهة نظره تعرف ما هو إلّا قطعة فسيفسائية في لوحة الحياة كلّها منذ خلق الله الأرض وما عليها، ومن عليها إلى يومنا هذا؛ فهو يعتقد إذاً أنّ هذه القطعة لا بدّ وأن تكون ملوّنةً باجمل وافضل الألوان، حتى تعكس مشيئة الله وغايته في خلقه.
قال تعالى في كتابه العزيز: "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"؛ فالسعي إذاً، والسعي فقط هو أساس هذه الحياة البيضاء في بعض تفاصيلها، والسوداء في الأخرى، لهذا فقد كان من الضروري على الإنسان أن يعي تماماً أن تحقيقه لحلمه، سواءً كان في الأولى، أم في الآخرة، لا بد من أن يكون من خلال السعي الجاد والدؤوب فقط، وليس من خلال أحلام اليقظة، أو الاتكالية، أو الابتزاز، أو الأعمال غير المشروعة، أو أيّ وسيلة أخرى.
كيف يسعى الإنسان في حياته؟
تحقيق الحلم يكون من خلال السعي، والسعي يكون من خلال تحديد الهدف الذي يرغب الإنسان بالوصول إليه في المستقبل سواء القريب أم البعيد. فتحديد الغاية هو أساس أيّ نجاح سواء كان نجاحاً صغيراً أم كبيراً، فلو لم يعرف الإنسان هدفه وغايته لضلَّ طريقه مباشرة، ولصار تائهاً حيراناً تتلاطمه الأمواج، وتتقاذفه باستمرار.
بعد تحديد الهدف، يجب وضع خطّة العمل، وخطة العمل يجب أن تأخذ بعين اعتبارها كافة الظروف سواء الحالية، أو الماضية، أو المستقبلية؛ فهذه الأزمنة الثلاثة مترابطة مع بعضها البعض بشكل وثيق جداً، وأي حدث في الماضي، أو الحاضر قد يؤثر بشكل كبير على المستقبل، لذا فقد وجبت مراعاة كل الظروف المحيطة من أجل تحقيق الحلم والوصول إلى الهدف.
بعد ذلك تبدأ رحلة التنفيذ، وتنفيذ الخطة الموضوعة لا بدّ أن يكون دقيقاً، جاداً، حذراً، غير مشوب باليأس، أو السخط، أو اللامبالاة؛ فهذه الآفات النفسية قد تعرض صاحبها للتهلكة؛ ذلك لأنّ الإنسان قد يواجه صعوبات كبيرة، بعضها كان متوقعاً، وبعضها الآخر لم يكن يخطر على البال ولو للحظة واحدة، فلو استسلم الإنسان لهذه العوائق التي قد تكون مدمّرة في بعض الأحيان، لما حقق أحد حلمه، ولما استطاع شخص أن يصل إلى هدفه، من هنا فإنّ تحقيق الحلم يجب أن يكون بإصرار، ومثابرة، وعزيمة فولاذية لا تفتر، ولا تتحطّم مهما كانت العوائق والمغريات.
مبادئ الإنسان
قد يظنّ البعض أن تحقيق الحلم يتعارض مع المبادئ، وتحديداً في حالة الأحلام التي تتعلق بجمع الثروة الهائلة؛ إذ يتصور الناس أن الأثرياء هم بالضرورة أعضاء في منظمات مشبوهة، ومطاردة، ولكن غاب عن بال أمثال هؤلاء الأشخاص أن العديد من الأثرياء استطاعوا جمع أموالهم من خلال ابتكار فكرة تحتاج إليها الإنسانية، فصارت هذه الفكرة كمنجم الذهب بالنسبة لصاحبها، وهي التي سببت له هذا الثراء الفاحش.
