كثيرةٌ هي الظواهر الطبيعية على كوكبنا هذا ، وما المدّ والجزر إلاّ إحدى هذه الظواهر الطبيعيّة ، التي تحدث في مياه البحار وأيضاً المحيطات ، وتكون على مرحلتين ، نتيجة تأثير ونتائج جاذبية الشمس والقمر ودوران الأرض حول نفسها .
* كيف يحدث المدّ والجزر :
إنّ المسبّب الرئيسي في حدوث المدّ والجزر هو الشمس والقمر بفعل جاذبيتهما ، وأيضاً دوران الأرض حول مركزها ، والتي تسمّى ( قوّة الطرد المركزي ) ، ونظراً لقرب القمر من الأرض ، فإنّ جاذبيّته تكون أكبر من جاذبيّة الشّمس على الأرض ، فيحدث المدّ والجزر على مرّتين يوميّاً ( كلّ 12 ساعة يحدث مرّة ) ، وذلك بسبب أنّ الأرض تمرّ بالقرب من القمر خلال دورتها ، فيكون المدّ على سطح البحر في الأماكن التي تكون مواجهة للقمر ، وما أن تبتعد هذه الأماكن ، حتّى يحدث فيها الجزر ، أمّا عن نسبة ارتفاع المدّ ، فتختلف حسب مداره من القمر ، وموقعه ، ومكانه من الشمس والأرض .
يلاحظ أنّ المدّ يكون ضعيفاً ، وذلك بسبب أنّ الشّمس والقمر يقعان في ضلعي زاوية ، يكون مركز الأرض هو رأسها ، فتحاول بدورها جاذبيّة الشّمس أن تعدّل من جاذبيّة القمر ، ويكون ذلك في الأسبوع الأوّل من كلّ شهر قمريّ ، وفي الأسبوع الثالث أيضاً .
إنّ جاذبيّة القمر تكون في أوج قوّتها عند حصول الكسوف ، ويعلو مستوى المدّ إلى أعلى مداه ، بسبب وقوع القمر والشّمس في نفسه الجهة ، ويكون ذلك في المحاق .
لكلّ ظاهرة طبيعيّة محاسنها ومساوئها ، ولعلّ أهمّ ما يميّز حركتي المدّ والجزر ، هو ما تحدثه في المحيطات والبحار من تطهيرها من الشوائب ، وتطهير الموانئ ، وأيضاً مصبّات الأنهار مما يعلق فيها من رواسب ، وكذلك تعمل على مساعدة السفن في دخولها للموانئ ، حيث توجد مياهاً ضحلةً تعيق سير السفن ، أمّا المساوئ إن صحّ التعبير ، فقد تبدو بشكل مخاطر ، بكل ما يؤثّر المدّ القوي والشدي من خطرٍ محدق في حركة الملاحة ، وعلى وجه الخصوص يكون ذلك في المضايق .
إنّ المدّ والجزر يختلف من مكانٍ لآخر ، فإنّ بعض المناطق قد يصل المدّ فيها إلى 200 سم ، وفي بعض الأماكن لا نراه يتعدّى 30 سم .
وقد استغلّ الإنسان ظاهرتي المدّ والجزر منذ القدم ، فقام على إنشاء طواحينه وإدارتها لطحن الغلال ، ومازالت شاهدة في شمال فرنسا آثار طواحين كانت تستعمل منذ 800 عاماً.