الهجرة النبويّة الشريفة هي الحدث الإسلامي الأعظم والذي حصل في فترة بعثة الرسول الأعظم – صلى الله عليه وسلم، حيث تعتبر النقطة الفاصلة والحاسمة، ولأكثر حساسيّة في تاريخ الدولة الإسلامية، فهي مفترق الطّرق وهي بداية التأسيس والعمل الجاد لنشر دين الله تعالى في الأرض. تعني الهجرة النبويّة الشريفة مغادرة الرسول الأعظم ومن كان معه من المؤمنين مكة المكرمة والذهاب إلى المدينة المنورة للعيش فيها وتأسيس الدولة والدخول في عهد جديد.
حدثت الهجرة النبوية الشريفة بعد ثلاثة عشرَ 13 عاماً من بعثة رسول الله الأعظم – صلى الله عليه وسلم -، أمّا الهجرة في التاريخ الميلادي فقد وَقعَت في العام 622 ميلاديّة، وبدأت أحداث الهجرة النبويّة الشريفة في التاسع من سبتمبر من هذا العام، حيث غادر رسول الله مكة المكرمة قاصداً غار ثور، فمكث فيه هو وصاحبه الصديق لمدة ثلاثة ايام، حيث غادره في الثالث عشر من سبتمبر، وقد استمرت الرحلة من مكة إلى المدينة المنورة ما يقترب من سبعة أيام تقريباً، فقد وصل الرسول الأعظم إلى قباء وهي قرية بالقرب من المدينة المنورة في العشرين من سبتمبر، في الرابع من شهر أكتوبر من العام 622 ميلادية غادر الرسول الأعظم قرية قباء وذهب ليستقر في المدينة المنورة.، كما وقد تخلّل تخلّل هذه الفترة ما بين قباء والمدينة زيارة واحدة إلى المدينة المنورة كانت في الرابع والعشرين من شهر سبتمبر. يُذكر أنّ التقويم الهجري كان قد اعتمد حادثة الهجرة النبوية الشريفة كبداية له.
لم يهاجر المسلمون من مكة إلى المدينة المنورة إلا بعد أن اضطهدوا وضاقت عليهم الأرض فيها، ومن هنا كان لا بد من الهجرة لإعادة ترتيب الأوراق، وتطبيق مبادئ الإسلام السمحة على الواقع بعد أن خضعوا لفترة طويلة من الإعداد والتدريب والعمل والبذل والعطاء. من هنا اكتسبت الهجرة النبوية الشريفة هذه الأهمية وفائدة العظيمة في التاريخ الإسلامي.
لم يهاجر رسول الله ولا من كان حوله من المسلمين إلاّ بعد أن أذِن الله تعالى لهم بالهجرة، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه الكرام قبل الهجرة بفترة: (رأيت دار هجرتكم، أريت سبخة ذات نخل بين لابتين - حرتين –)، ومن هنا فقد عَرف يهود المدينة أنّ زمن آخر الأنبياء قد جاء، لهذا السّبب كانوا دائماً يهدّدون ويتوعدون أهل المدينة المنورة بأنّهم سيقتلونهم وسيتّبعونهم ليذبحوهم، إلاّ أنّهم وبالرغم من ذلك لم يراودهم الاعتقاد بأن يكون النبي عربيّاً، وهنا كانت المفاجأة، وانقلبت الآية، فقد تبعه أهل المدينة المنورة، ولم يتبعه اليهود إلاّ من شرح الله صدره للإسلام، لهذا السبب فقد نَصب اليهود الفخاخ للقضاء على الإسلام وعلى شخص الرسول الأعظم، كما أنّهم غدروا به في أشد الأوقات صعوبة، مع أنّهم كانوا قد وقّعوا معه العهود والمواثيق التي تجعله وإياهم مواطنين في دولة واحدة له ما لهم وعليه ما عليهم.