ينشد المسلم دائماً الحصول على رضا الله سبحانه و تعالى ، فرضا الله تعالى هي أسمى الغايات على الأطلاق ، و قد رضي الله تعالى عن صحابة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حين اجتمعوا لمبايعته تحت الشّجرة فيما سمّي ببيعة الرّضوان الشّهيرة ، و أصبحت تلك البيعة معياراً لتحديد تميّز الصّحابة ، و لم ينل الصّحابة الكرام رضوان الله إلا بسبب صنيعهم هذا ، فرضا الرّحمن غايةٌ لا تنال بالأماني و الأحلام و إنّما تنال بإيمان القلب و عمل الأركان ، فالمسلم الحريص على نيل رضوان ربّه يجب أن يسعى لذلك بكلّ ما أوتي من قوةٍ فيشمّر عن ساعده و يشحن عزيمته للعبادة و الطّاعات ، و أن يقتدي بالنّبي محمّد عليه الصّلاة و السّلام حين كان يجتهد في طاعة الله تعالى حتى تتفطّر قدماه فيلومه الصّحابة على ذلك لعلمهم بأنّه قد غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخّر فيقول أفلا أكون عبداً شكوراً ، فهذا فعل النّبي و اجتهاده مع عظيم منزلته عند ربّه ، فما بالك بعوامّ النّاس فهم أحوج إلى رحمة الله و رضوانه ، مع تكاثر الذّنوب و المعاصي التي تستولي على القلوب و تنكت النّكت السّوداء التي يمحوها الاستغفار و الإنابة إلى الله تعالى .
و إذا أراد العبد أن يعرف هل ربّه راضٍ عنه أم لا ، فلينظر إلى نفسه و حاله ، فإن كان مقيماً على المعاصي و الآثام مصرّاً عليها فالله تعالى بلا شكّ سيكون غير راضٍ عنه ، و إنّ السّعادة و الحظوة في الدّنيا ليس بدليلٍ على رضا الله سبحانه على العبد ، فقد يفتح الله زهرة الدّنيا لأقوامٍ يشركون به حتى يذرهم في طغيانهم يتخبّطون و يتيهون ، و في الحديث إنّ الله يعطي الدّنيا لمن أحبّ و لمن لا يحب و لا يعطي الدّين إلا لمن أحب .
و قد ذكر النّبي الكريم في حديثٍ أنّ الله تعالى يرضى لعباده ثلاثاً و يسخط ثلاثاً ، فأمّا ما يرضي الرّحمن فعبادته وحده مع عدم الاشراك به ، و الاعتصام بحبل الله و عدم التّفرق ، و التّناصح مع ولي الأمر بالمعروف ، و أمّا ما يسخط الرّحمن ، فالقيل و القال ، و كثرة السّؤال ، و إضاعة المال .