عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الله آل باز، ولد عام ألف وثلاثمائة وثلاثين للهجرة، يوم الثاني عشر من شهر ذي الحجّة في الرياض، وقد تربّى في عائلة آل باز المعروفة بالعلم والورع والتديّن، والعمل بالزراعة والتجارة؛ فهي عائلة عريقة ومعروفة في البلاد الإسلامية، فقد نشأ على حبّ الدين والشريعة الإسلاميّة، وخاصّةً أنّ الفترة التي ولد فيها كانت الرياض بلدةً للتعلّم وبيئةً للعلماء؛ فنشأ في جوٍّ من العلم وتعلّق به، ونشأ على حب القرآن الكريم وتعلّمه ودراسته وحفظه كاملاً؛ فهو المصدر الأوّل للتعلّم عند جميع العلماء من أجل الانطلاق للنهل والاستطلاع على بقيّة العلم.
وقد كان لوالدته الدور الكبير في حضّه على التعلّم ورفع معنوياته ومساندته للوصول إلى المراتب العليا في العلم، فهذا هو دور الأم المسلمة التي ترسّخ في أبنائها حب التعلم والتعليم، وحب القرآن وتعلّمه ودراسته، وترك مغريات الدنيا الفانية وعدم التعلّق بها.
إنّ الله تعالى إذا أحبّ عبده ابتلاه ليعطيه الأجر العظيم على صبره، وهذا ما حصل مع الإمام ابن باز؛ حيث إنّه كان مبصراً في بداية حياته، ثمّ أصيب بمرض في عينيه، وبدأ يفقد البصر بالتدريج إلى أن فقده كاملاً، ولكنّه بقي صابراً محتسباً مصيبته عند الله تعالى، واستمرّ في طلب العلم؛ حيث كان في بداية العشرينات من عمره، فقد عوّضه الله تعالى بالذاكرة القويّة والفطنة، واستفاد منها في العلم، كما أنّ الله تعالى حماه من ملذّات الدنيا وترفها الزائل، وأبعده عن المحرّمات، كما أنّه استخدم هذا النقص في زيادة المثابرة والجد لتعويض ما فقده.
وقد امتاز الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى بحبّه للعمل المخلص لوجه الله تعالى، وكان لا ينتظر الشكر والعرفان من أحد، كما كان شديد الأدب والذوق في تعامله مع الناس ومتفائلاً لا يرى الحياة إلّا بعين الحمد والتفاؤل، فكلّ من عاشره وتعامل معه يصفه بالسخاء والكرم وحبّه للآخرين، كما كان رحمه الله تعالى عادلاً لا يخشى في الحق لومة لائم، وكان يتّصف ببعد النظر، ومواكبة الأحداث والتطوّرات على الرّغم من عدم قدرته على الإبصار.
توفّي العالم الجليل ابن باز رحمه الله تعالى في فجر الخميس 1420/1/27 هجري بعد أن أصيب بوعكةٍ صحيّة أفقدته الشهيّة والقدرة على تناول الطعام؛ حيث أدخل إلى المستشفى، وتمّت معالجته، ولكنّه كان ما يزال يعاني من الضعف العام والخمول، وفي ليلة الخميس شعر بالتعب في صدره وضيقٍ في التنفّس، وأخذته عائلته إلى المستشفى، وفارق الحياة قبيل بزوغ الفجر، رحمه الله ؛ حيث توفّي عن عمر 89 عاماً قضاها في العلم وتعليم الناس والدّعوة في سبيل الله تعالى.