مارتن سكورسيزي، مصطفى العقاد، ألفريد هيتشكوك، كريستوفر نولان، أكيرا كوروساوا، بيتر جاكسون، ريدلي سكوت، فرانسيس فورد كوبولا، اسماعيل نجدت أنزور، سيسيل دو ميلي، سيدني لوميت، وغيرهم الكثيرون، هم ليسوا فنانين طبيعيين بل مخرجون سينمائيون، فيكفي أن تصف فناناً ما بأنه مخرج ليدل ذلك على أن هذا الفنان هو فنان غير طبيعي.
المخرج سواء كان سينمائياً أم غير سينمائي هو فنان بالدرجة الأولى ومدير بالدرجة الثانية، فالمخرج هو مدير العمل الفني وهو الذي يجمع وينسق بين كافة الأدوات الفنية التي يبنى عليها العمل الفني سواءً كان فيلماً أم مسلسلاً أم فيلماً وثائقياً أم فيلماً تسجيلياً أم غير ذلك من أنواع الأعمال الفنية المختلفة.
تبدأ مهمة المخرج من النص، حيث إنّ المهمة الأولى للمخرج هي قراءة النص واستيعابه وعقد جلسات عمل مع الكاتب لفهم النص واستيعابه استيعاباً تاماً وبلورة رؤية كاملة عن هذا النص والطريقة التي سيخرج بها إلى النور، من هنا فالمخرج هو إنسان يمتلك العديد من المميزات المختلفة والمتنوعة التي تجعله مؤهلاً لإدارة عمل فني وإخراجه للناس بالصورة التي يشاهدونه عليها.
المخرج يجب أن يكون محيطاً بالتمثيل والسيناريو والحوار والإخراج، لأنه سيتعامل مباشرة مع كل هذه العناصر، وهو الذي سيديرها فلو لم يكن المخرج على قدرة عالية ومعرفة كاملة بهذه العناصر وطريقة ربطها مع بعضها البعض، لن يكون هناك فلم عالِ الجودة يستحق المتابعة. من المهارات الأخرى والتي تعتمد على الإحساس الفني للمخرج بالنص بالدرجة الأولى هي التصوير والطريقة التي سيتم بها تقسيم المشهد إلى لقطات يتم تركيبها بجانب بعضها البعض مكونة المشهد، وغير ذلك العديد من الأمور.
في أذهان العامة صورة نمطية عن المخرجين، لم تفِهم حقهم الكامل، فهذه الصورة هي صورة مشوهة عنهم، فالجهد الذي يبذله المخرجون جهد كبير جداً وموصول، حيث إنّهم مضطرون أحياناً لدراسة علم كامل من أجل فهم نص معين فهماً كاملاً وتحويله إلى عمل فني متكامل مبلورين فكرتهم ورؤيتهم عن هذا النص.
بعض المخرجين لم يرتقوا بأعمالهم ليخاطبوا عقل المشاهد وقلبه بلغة جميلة وراقية ترتقي بالذائقة العامة، بل أسهموا في ابتذال الأعمال والفنية وفي تشويه صورة العمل الفني عموماً والتقليل من قيمته عند الناس والمتلقين، وهذا حصل بشكل كبير جداً عندما تم تزويج الفن غصباً لرأس المال، مما أسهم في ولادة أعمال مشوهة من الداخل والخارج تشوه المجتمعات وجميع الأفراد الذين أبوا إلا أن يتابعوها.