الأعمال الخالدة من الصعب أن تندثر بين يوم وليلة، وحتّى لو اندثرت فسيبقى لها أثر هنا أو هناك، ويبقى هناك أعمال تأبى الاندثار، فهي راسخة في كل الأماكن أينما حلَّ الإنسان وارتحل، وبالرغم من عودة هذه الأعمال إلى حقبة معيّنة تابعة لأحدى الشعوب أو الثقافات، إلا أنّها اكتسبت الصفة العالمية جعلت كل ثقافة تشعر بأنّ هذه الأعمال تعرف على ما هى إلا جزء من تراثها وثقافتها الخاصّة والتي يتوجّب الحفاظ عليها والاستفادة منها قدر المستطاع، ومن هنا فإن الإنسان عندما يرى الإبداع ينسى الحواجز الوهمية التي تفصله عن الآخر، أمّا عندما يرى الظلم والقهر والسّواد تقفز الحواجز مباشرة أمامه، وهذه ربتعرف على ما هى الفائدة الأساسيّة الخفيّة من الجمال قدرته على الجمع دون التفرقة.
الموناليزا ( الجيوكاندا )
تعتبر الموناليزا واحدة من أشهر الأعمال التي ذاع صيتها في أرجاء العالم أجمع، لدرجة أنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من التراث العالمي المشترك، فعندما نتحدّث عن الموناليزا، فهذا يعني أن كل حاجز يفرّق الناس عن بعضهم البعض سيذوب ويختفي مباشرةً أمام حرارة هذا الجمال الذي يسلب القلوب.
كما وتعد الموناليزا من أهم أعمال المبدع الإيطالي الفنان ليوناردو دافينشي أحد روّاد عصر النهضة البارزين، حيث استطاع دافينشي من خلال هذه اللوحة أن يقدّم تقنية جديدة جداً لكل رسام في العالم، ممّا دفع بالعديد من النقّاد الفنيين المختصين بفن الرسم إلى تصنيف الموناليزا على أنها من أجود واحسن وأفضل اللوحات المرسومة في الإنسانية كلها.
حقيقة الموناليزا
رسم الفنان ليوناردو دافينشي هذه اللوحة بين عامي 1503 و1510، وقيل أن السيّدة المرسومة في هذه اللوحة الخالدة تعود لسيّدة تدعى مادونا ليزا جيرارديني، وهي سيّدة من إيطاليا، وكانت زوجة لتاجر من فلورنسا يدعى فرانشيسكو جوكوندو، حيث كان هذا التاجر أحد أصدقاء الفنان ليوناردو دافينشي، وهو الذي طلب من الفنان أن يرسم لها هذه اللوحة لشدّة عشقه لها، مع أنّها لم تكن تبادله المشاعر ذاتها، وذلك بسبب حبها لزوجها السابق الذي توفي، وعاشت الموناليزا بين عامي 1479 إلى 1542، حيث كانت إحدى أهم أعضاء عائلة جيرارديني، ولكن حياتها غامضة قليلاً إذ لا يعرف العديد من التفاصيل عن حياة هذه المرأة الخالدة، والموناليزا هي من مواليد فلورنسا، تزوّجت بصورة مبكّرة جداً بأحد التجّار الذي تطوّر مركزه فيما بعد وأصبحت أماً لخمسة أطفال، وهناك من يعتقد أنّ الموناليزا تنتمي إلى الطبقة المتوسطة وأنها كانت ممن عاشوا حياة جيّدة.