الإنسان بطبعه لا يمكنه العيش وحيداً، فهو دائماً بحاجة إلى أناسٍ حوله يفهمونه ويفهمهم، يستمعون له كما يستمع هو لهم أيضاً، ويحكي لهم عن المشاكل وعيوب والهموم التي ألمّت به، ويحكي لهم عن أفراحه ويشاركهم فيها؛ لكن مهما كانت صلة الإنسان بهؤلاء الناس فإنّه لا يمكنه التواصل معهم دون وجود لغةٍ مشتركة بينهم يستطيعون التفاهم من خلالها.
اللغة
حتّى يستطيع الإنسان الكلام مع الآخرين فإنه بحاجة إلى لغة يفهمها هو ويفهمونها هم، ويمكن تعريف ومعنى اللغة على أنّها منظومة من الرموز والتعابير التي تعطي معنىً معيّناً عند ترتيبها بشكلٍ معيّن، وبذلك تكوّن كلمة، كما يمكن تجميعها بأشكال معيّنة لإنتاج عدّة كلمات وعبارات لإعادة ترتيبها واستخدامها في تركيب جمل معيّنة يستخدمها الإنسان للتعبير عما يجول في خاطره، أو عمّا يشعر به، لكن يجب أن تكون هذه الرموز معروفةً لدى جميع الأشخاص الّذين يرغب الإنسان في التّواصل معهم.
وللغة أهميّة كبيرة جداً في حياة الكائنات الحية الأخرى؛ إذ إنّ لكل كائن حي لغة معيّنة يتواصل بها مع أفراد جنسه، أمّا بالنسبة للإنسان؛ فاللغة هي من أهم الأمور في حياته، فأوّل ما يتعلّمه هو النطق والتكلّم مع الآخرين، فلولا وجود اللغة لما نشأت الحضارات الإنسانيّة على هذه الأرض، ولما استطاع الإنسان العيش في هذا العالم، فمن النعم التي منّ بها الله عزّ وجل على الإنسان هي اللغة التي يتواصل بها مع غيره من باقي البشر.
ومن الجدير بالذّكر أنّ كلّ مجموعة من البشر موجودةٌ ضمن نطاق جغرافي معيّن، وهم يستخدمون لغةً خاصّة بهم، ونشأت بين المجموعات الإنسانية الموجودة في هذا العالم الكثير من اللغات، منها ما قد اندثر وأصبح من الماضي الغابر، ومنها لا يزال مستخدماً حتّى في أيامنا هذه.
اللغة العربيّة
من أهمّ اللغات حول العالم هي اللغة العربيّة، وهي اللغة المقدّسة للمسلمين كونها اللغة التي أنزل الله عزّ وجل بها القرآن على نبيّه الكريم محمّد عليه الصلاة والسلام، كما قال جلّ وعلا في كتابه الكريم: "إنا أنزلناه قرآناً عربيا"، كما أنّها من أهم اللغات السامية المنتشرة في العالم، ويصل عدد المتحدّثين بها في العالم حوالي 422 مليون شخص، ويسمّى الأشخاص المتكلّمون باللغة العربية العرب وذلك نسبةً إلى لغتهم.
العجم
على الرّغم من أهمية وفائدة اللغة العربية وانتشارها الواسع إلّا أنّ هنالك أيضاً الكثير من اللغات السائدة بين مجموعات أخرى من الأشخاص، وكان العرب قد أطلقوا عليهم لقب العجم، وكما تمّ تعريف ومعنى كلمة العجم في اللغة العربيّة بأنّها لقب يُطلق على الأشخاص الّذين لا ينتمون إلى أصول عربيّة، سواءً أكانوا من الناطقين باللغة العربية أم لا، وكان العرب قديماً يطلقون هذا اللقب على الفرس مجازاً؛ فكانوا يقولون بلاد العجم أي بلاد الفرس، ومفرد العجم أعجم، ويقال للأنثى عجماء.
ومعنى الأعجم كما ورد في قاموس العرب، هو: من لا يفصح ولا يبيّن كلامهُ، وإن كان من العرب والّذي في لسانِه عجمة، وإن أفصح بالعجميَّة أعجمون وأعاجم. وفي سورة الشعراء" ولو نزَّلناه على بعض الأعجمين". ثمّ يُنسَب إليهِ فيقال لسانٌ أعجميٌّ وكتابٌ أعجميٌّ، ولا تقل رجل أعجميٌّ فتنسبهُ إلى نفسهِ إلّا أن يكون أعجماً وأعجميّ؛ مثل دوَّار ودوَّاري إلّا إذا ورد ورودًا لا يمكن ردُّهُ.
والعجم هي كلمة تعني عكس العرب؛ أي إنّها تطلق على كلّ شخص لا ينتمي إلى أصول عربيّة سواءً أكان ناطقاً باللغة العربية أم لا، ويمكن القول بأنّ العجم هم جميع البشر باستثناء العرب. وكان القرآن الكريم قد ذكر العجم في آياته الكريمة، كما جاء في قوله جلّ وعلا: " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ"؛ فالقرآن الكريم هو المعجزة الّتي أعجز الله عزّ وجل بها جميع البشر سواءً كانوا عرباً أم عجماً.