أنعم الله سبحانه وتعالى على البشر بنعمٍ لا تعدّ ولا تحصى فنعمة البصر التي يرى فيها الإنسان ما حوله نعمةٌ عظيمةٌ ونعمة السّمع التي أكرم الله بها عباده فيسمعون الأصوات المختلفة ويدركون منطقها فيتعلّمون النّطق والكلام بلسانهم، فاللّسان عضوٌ من أعضاء جسم الإنسان به يتكلّم الخلق ويتحاورون وما أرسل الله سبحانه رسولاً ولا نبياً إلاّ بلسان قومه ليبيّن لهم منهج ربّهم فلا يلتبس عليهم أمرهم، وقد أتهم المشركون النّبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم بأن من علّمه الوحي والقرآن هو بشر فردّ عليهم القرآن بأنّ من يدّعون تعليمه للنّبي لسانه أعجميّ ولسان النّبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم عربيّ فأقام عليهم الحجّة، فاللّسان نعمةٌ من نعم الله من استعمله وسخرّه في الخير والكلام الطّيب والإصلاح بين النّاس والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر والنّصيحة للمسلمين ولنشر دعوة الله في الآفاق، من سخّره لكل ذلك فقد أفلح ومن سلك به طريق الضلال والفتنة خاب وخسر .
و كما لكلّ شيءٍ آفة، فيقال آفة العلم النّسيان، فآفة اللّسان آفاتٌ كثيرةٌ، فالنّميمة بين النّاس والفتنة بينهم آفةٌ كبيرةٌ فمن النّاس من يسعى بها فيفسد العلاقات بين النّاس وربما أفسد العلاقة بين الرّجل وزوجته وهذه غاية الشّيطان وأعظم مناه، والغيبة وقد شبّها القرآن بأكل لحم الميّت لهي آفةٌ كبيرةٌ أيضاً، وربما استهان بها الكثير في وقتنا الحاضر بلّ عدّوها من مؤنسات مجالسهم وما علموا أنّها عند الله ذنبٌ كبيرٌ، ومن آفات اللّسان أيضاً آفة الكذب، فالكذّاب من أشرّ النّاس، عدل عن الحقّ في كلامه فعدل عنه الحقّ، والكذّاب يظنّ الكذب منجاةً له وما درى أنّ في الصّدق النّجاة الحقيقيّة فحبل الكذب كما يقال قصير، وقد يتلفّظ الإنسان بلسانه ألفاظاً لا يرضى الرّحمن بها من ألفاظ فحشٌ وكفرٌ وكثرة لعنٍ وسباب وهذه كلها من المهلكات فربّ كلمةٍ بلغت بصاحبها نار جهنّم ولم يلقي لها بالاً – والعياذ بالله - وفي الحديث الشّريف " وهل يكبّ النّاس على مناخرهم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم " صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .