رأى النّبي صلّى الله عليه و سلّم في منامه أنّه قد أتى بيت الله الحرام معتمراً و هو في المدينة المنوّرة ، و كما يعلم بأنّ رؤيا الأنبياء حقّ ، و عندما أخبر النّبي عليه الصّلاة و السّلام أصحابه بحديث الرّؤيا استبشروا و فرحوا لذلك أشدّ الفرح ، فهم و بعد منعهم من قبل كفّار قريش عن زيارة الحرم و أداء المناسك يأتيهم الفرج من الله تعالى و البشارة ، فجهّز النّبي الكريم و صحبه أنفسهم للذّهاب إلى بيت الله الحرام ، و عندما وصلوا إلى ذو الحليفة أحرموا و قاموا بلبس ملابس الإحرام ليظهروا للمشركين حسن نيّاتهم و أنّهم لم يأتوا للقتال ، و لم يحملوا معهم غير سلاح الدّفاع عن أنفسهم ، و عندما رأى المشركون قدوم المسلمين غضبوا لذلك غضباً شديداً و قالوا كيف يدخل علينا محمد وجماعته عنوة ، فتجهّزوا لأجل ذلك لمنع المسلمين ، فبعث النّبي عليه الصّلاة و السّلام لهم سيّدنا عثمان رضي الله عنهم ليبّين لهم حسن نواياهم و أنّهم لم يأتوا لقتالٍ أو بغيٍ ، و قد دعاهم سيّدنا عثمان إلى الإسلام و الهدى ، و قد وصل للمسلمين خبر أن عثمان قتل و قد دخل الشكّ غلى قلوب المسلمين بسبب تأخره عن العودة إلى المدينة ، فاجتمع المسلمون لمبايعة النّبي الكريم على القتال و سمّيت تلك البيعة ببيعة الرّضوان التي رضي الله فيها عن المسلمين الذين بايعوا الرّسول تحت الشّجرة .
و عندما تبيّن المسلمون أنّ عثمان حيٌّ لم يقتل ، أرسل المشركون رسولاً إلى النّبي عليه الصّلاة و السّلام ، و عندما عاد من عند المسلمين أخبر قومه كيف وجدهم يحبّون النّبي حبّاً جمّاً و أنّهم لن يسلمونه لأحدٍ أبداً ، و حثّهم على الإتفاق ، فأرسل المشركون سهل بن حنيف رسولاً لعقد اتفاقٍ مع المسلمين سمّي بصلح الحديبيّة ، و قد سمّي بهذا الإسم نسبةً إلى المكان الذي عقد فيه ، و قيل نسبةً إلى بئرٍ أو شجرةٍ ، و قد نصّ الاتفاق على بنودٍ منها أن تكون مدّته عشرة أعوام ، و أن يرجع المسلمون عن قصد المسجد الحرام ليعودوا في السّنة القادمة ، و قد كان هذا الصّلح مقدمّةً لفتح مكة فتحاً مبيناً في السّنة الثّامنة للهجرة .