بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد،
تعتبر شجرة النخيل من الأشجار المباركة التي جاء ذكرها في القرآن الكريم في العديد من الآيات، حيث تعطينا هذه الشجرة ثمارًا طيبة فيها فوائد كثيرة، وهي ثمار التمر، ففي هذه الثمار قيمة غذائية عالية، وبركة كبيرة.
فالتمر يحتوي على الكثير من العناصر الغذائية المهمة للإنسان، كالسكريات، والكربوهيدرات، والبروتينات، والفيتامينات، والأملاح المعدنية، والألياف، والدهون. فالتمر هو غذاء متكامل يحافظ على صحة الإنسان، ويساهم في الوقاية والعلاج و دواء من الكثير من الأمراض والأدواء. وقد فصلنا الكلام في فوائد التمر في أحد المقالات السابقة.
وقد جاء في العديد من النصوص الشرعية بيان لفضل وفوائد هذه الثمار، وجاء في بعضها الإشارة إلى فضل أنواع محددة منها، كتمر العجوة، وسنتكلم في هذا المقال عن التمر البرني، وسنبدأ بوصف هذا النوع من التمر، كما سنذكر حديثًا يُنْسَب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث جاء فيه ذكر هذا النوع من التمر.
إنّ التمر البَرْنِي - بفتح الباء، وتسكين الراء، وكسر النون - : هو أحد أجود أنواع التمر، وهو من تمور المدينة المنورة، وينتشر هذا النوع في مناطق أخرى غير المدينة، كالكثير من مناطق الجزيرة العربية والعراق وغيرها. يقول ابن منظور صاحب معجم لسان العرب: « البَرْنِي: ضرب من التمر أصفر مُدوَّر، وهو أجود التمر، واحدته بَرْنِيَّة. »، وينقل ابن منظور عن الأزهري صاحب تهذيب اللغة قوله: « البَرْنِي ضرب من التمر، أحمر مُشرَب بصُفْرة، كثير اللِّحاء، عذب الحلاوة. »
وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد الأحاديث بيان لفضل التمر البرني، حيث قال صلى الله عليه وسلم: « خير تَمَراتِكم البرني، يَذْهب بالداء، ولا داءَ فيه. » [صححه الألباني]. ولكن لا بد من التنويه إلى أن العلماء قد اختلفوا في صحة هذا الحديث، وثبوته عن رسول الله، فمنهم من ضعفه، ومنهم من صححه بمجموع الشواهد كالإمام الألباني رحمه الله. والله تعالى أعلم.
وعلى فرض أن الحديث السابق ليس بصحيح من حيث الرواية، والثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه من حيث المعنى صحيح، فلا شك بأن التمر البرني يَذْهب بالداء، ولا داء فيه، وذلك باعتباره أحد أجود أنواع التمر، كما أن هذا المعنى لا ينطبق فقط على التمر البرني، وإنما يشمل الكثير من أنواع التمر التي تمتاز بالجودة. ويُبَرْهِن على صحة هذا المعنى ما سبق أن أشرنا إليه من فوائد التمر، والقيمة الغذائية الكبيرة الموجودة فيه.