يتفكّر المسلمون دائماً في خلق السّموات و الأرض فيرون إعجاز الله و قدرته ظاهرةً في كلّ شيءٍ ، و يكتشفون آيات الله في الكون و في أنفسهم فيزيدهم ذلك إيماناً و اقتراباً من الله سبحانه و تعالى ، فالله خالق الكون و مدبّره بقدرٍ و كلّ شيءٍ يسير وفق نواميسٍ وضعها الله فلا يطغى شيءٌ على شيءٌ ، بل كلّ شيءٍ يسير في نسقٍ و اتساقٍ و نظامٍ محكم ٍيدلّ على عظمة الخالق و قدرته ، و قد روت الآثار كيف توارد إلى ذهن سيّدنا موسى عليه السّلام سؤالاً هل ينام الله ؟ ، فأوحى جبريل عليه السّلام إلى موسى أن أمسك قارورتين من الزجاج بيديك و ابقهما كذلك و احرص على أن لا يصطدما ببعضهما فينكسرا ، بات سيّدنا موسى عليه السّلام و هو ممسكٌ بالقارورتين حتّى إذا غلبه النّعاس فإذا بالقارورتين يصطدمان ببعضهما فينكسران ، فأوحي إليه ربّ العالمين أن لو نام الله لانطبقت السّماء على الأرض ، فكلّ شيءٍ في الكون يظهر إعجاز الله و قدرته سبحانه .
و إنّ من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم و التي تعجّب العلماء من طريقة وصفها مرحلة تكوين الجنين في بطن أمّه ، فقد ابتدأ الله سبحانه خلق الإنسان من طين ، ثمّ جعل نسله و ذرّيته من نطفةٍ ، و النّطفة تتحول إلى علقةٍ و العلقة تتحوّل إلى مضغةٍ ثمّ يتمّ إنشاء اللحم الذي تكسى به العظام ثمّ إنشاءه خلقاً آخر ، و قد وصف الرّسول صلّى الله عليه و سلّم كيف يجمع الإنسان في بطن أمّه أربعين يوماً نطفة ، ثمّ يكون بعد ذلك علقةً أربعين يوماً أيضاً ، ثمّ يكون مضغة أربعين يوماً ، ثمّ يبعث إلية الملك فينفخ في الرّوح و يؤمر بأربع كلمات وعبارات بكتب رزقه و أجله و شقيٌ أو سعيدٌ ، و الآية الكريمة تبيّن تفاصيل مراحل تكوين الجنين بقوله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين )َ صدق الله العظيم .
فسبحان الله الذي بدت آيات إعجازه في الكون و الإنسان حتى أدهشت العلماء المتبصّرين فكان من أسلم منهم حين قرأ القرآن و أكتشف وجوه الإعجاز فيه .
