كان العرب قبل مجيء الإسلام يتخبّطون في ظلمات الجاهلية و الشّرك ، فكانت معتقداتهم باطلةً حيث كانوا يعبدون الأصنام و يعتقدون أنّها تقرّبهم إلى الله سبحانه ، و قد كانت عندهم آفاتٌ اجتماعيّةٌ خطيرةٌ توارثوها عن آبائهم و لسان حالهم يردّد دائماً إنّا وجدنا آباءنا على ذلك فإنّا على آثارهم سائرون ، فقد كانوا ينظرون إلى المرأة نظرة احتقارٍ فلا يعطونها ميراثها بل و أحياناً يئدونها أي يقتلونها و هي حيّةٌ خوفاً بزعمهم من العار و الفقر ، و كانوا يتقاتلون فيما بينهم و تنشب بينهم المعارك الضّروس لأتفه الما هى اسباب ، و كانت عندهم طبقيّةٌ كبيرةٌ فكانوا يميّزون الغني فيهم و صاحب الجاه في كلّ شيءٍ حتى في أداء المناسك ، فجاء الإسلام ليبطل تلك العادات كلّها و لتتحطّم على صخرته الكئود أصنام الشّرك و الضّلال التي اتخذوها من دون الله ، و ليسطع نور الإسلام و شمسه على ربوع الجزيرة العربيّة و من ثمّ لينتشر في أرجاء المعمورة كافّة .
و من العادات الذّميمة التي كان العرب في الجاهلية يمارسونها عادة النّسيء أي أنّهم يؤخّرون الأشهر الحرام و هي ذي الحجّة وذي القعدة و المحرّم و رجب و يتلاعبون في مواقيتها ، فقد كانوا أصحاب مصالحٍ يتحكّم الهوى في أفعالهم و أقوالهم ، فقد وجدوا أنّ الأشهر الحرام تمنعهم أحياناً من القتال و سفك الدّماء ، فراحوا يحلّون الشّهر الحرام الذي يحتاجون فيه للقتال و يحرّمون غيره بدلاً عنه ليكتمل عندهم عدد الشّهور المحرّمة و هذا من الضلال الكبير ، فقد حرّم الله شهوراً بعينها قد جعلها شهوراً مباركةً حيث يحجّ النّاس فيها و يأمنون على أنفسهم ، ثمّ جاء النّبي صلّى الله عليه و سلّم في حجّة الوداع ليبيّن للنّاس أنّ الزمان قد استدار و توافق كما خلقة يوم خلق السّموات و الأرض ، و بيّن لهم الأشهر الحرام و ذكرها فهي ثلاثٌ متواليةٌ ذي القعدة وذي الحجّة و المحرّم و شهرٌ واحدٌ منفرد يأتي بين جمادى و شعبان هو شهر رجب ، قال تعالى ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ? ذَ?لِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ? فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ? وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) صدق الله العظيم .