بعد سقوط الخلافة العثمانية وقع العالم العربي تحت سيطرة الاستعمار الفرنسي والايطالي والبريطاني الذي قام بتقسيم تلك الدول وفقا لأطماعه فقام بتقسيمها جغرافيا ليسهل السيطرة عليها ولإرضاء أطراف الصراع التي كانت تتنازع على الأرض وعلى الثروة الموجودة فيها، فكان اتفاقية سايكس بيكو التي كان بين البريطانيين والفرنسيين أقوى مستعمرتين في ذلك الوقت، فقاموا بوضع خطوط وهمية على الورق قسموا فيها الادارات الحاكمة والأرض وسكانها والثقافات إلى إقليمات سيطروا عليه وقاموا بتوزيعها على أنفسهم بعد فشل العرب الثائرون على الدولة العثمانية وخياب أملهم بعد خيانة المستعمرتين لهم في أيام الحسين شريف مكة، وهذا أدى بالأمر إلى السيطرة المتتابعة ومكافحة كل إقليم عن الأرض التي يعيش عليها، فبعد أن استطاعوا طرد المستعمر عن أرضهم لم يقوموا بتصحيح المسار وإعادة العالم العربي إلى حالته الأولى التي تتمتع بالوحدة والوفاق والتجانس بين أطيافه وأعلن كل واحد منهم دولة خاصة به إقليميا يحكم فيها ويسرح كما شاء، فكانت هذه بداية المصيبة العربية حيث أصبحت عدد من الدول في منطقة جغرافية متقاربة ومتوافقة في اللغة والدين والثقافة وجميع القضايا ولكنه عبارة عن دول ضعيفة متواهية لا تستطيع إدارة شأنها السياسي ولا الاجتماعي ولا الاقتصادي ولا الأمني، فيعيش الناس في هذا العالم حالة دائمة من الخوف والتنازع فهم سلاح تلك القوى للحرب بين بعضها البعض دون أن تكون لهم إرداة أو حيلة أو قوة حتى.
تم تقسيم العالم العربي إلى 22 دولة إقليمية متناحرة أيام سايكس بيكو ووقعت كل دولة قومية من هذه الدول تحت سيطرة مستعمرة أجنبية محتلة من الدول التي انتصرت في الحرب العالمية الأولى، وزادت اقليما جديدا بدعوة جنوب السودان إلى الانفصال عن السودان وتشكل الدولة الجديدة، وهذا شكل في المفهوم وتعريف ومعنى العربي عدم فرصة للتوافق، فهم اليوم يعيشون على السباب والشتم فيما بينهم والقطيعة بين حدود تلك الدول، فعملية دخول أجنبي غير حامل للجنسية العربية أسهل بكثير من دخول العرب إلى دولة شقيقه فهو وإن كان أخ في الدم والعرض والثقافة والدين إلا أنه بنظر إخوانه مخرب أتي لبلادهم ليخربها وليست بلادهم جميعا، وأدى هذا الأمر إلى استشراء العداوة بين الحكومات والشعوب بل وأدت إلى العداوة بين شعب وآخر، مما نتج عنه الحرب إلى جوار العدو الأصلي ضد الأخ والشقيق العربي الذي بات يعرف بأنه الارهابي القاتل الذي يسفك دماء اخوانه العرب، وللأسف فباستشراء تلك النظرة العقيمة أصبح العرب فعلا وحوش جاهزون لذبح بعضهم لإرضاء ذلك المستعمر الذي قتلهم سابقا ولا يزال يقتلهم ولكن اختلف السلاح فهم يقتلون بعضهم بسلاح بعض دون اعتبار للدين الذي جاء ليعصم دمائهم وأموالهم، فإن لهم اليوم قلوب شياطين يصيبون به دم أخيهم وعرضه وماله مستحلين ذلك باسم الله والوطن والقومية العربية، وهذا بلاء لا يزول إلا بان تصبح هذه الأرض أرضا واحدة كما كانت لتعود الألفة والمحبة وليتم توجيه البوصلة على العدو الحقيقي لهذه الأرض وهؤلاء الناس وليس إلى رقاب بعضهم البعض.