(ألا ليت الشبابَ يعودُ يوماً لأخبرهُ بما فعل المشيبُ) أن الربيع لهو الشباب الثاني هذه الأبيات وغيرها كتبها كثير من الشعراء في وصف الشباب والتغزل به والتمني الذي لا يشوبه شك بعدم التحقق بأن يعود الإنسان في مراحل حياته الى الخلف والتمتع بما فاته من أيام وسنون خصوصاً في مرحلة المشيب. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى مراحل خلق الإنسان بأن الشخص يكون في رحم أمه مضغة فعلقة فجنين ثم يخرج طفلاً ثم ليبلغ أشده ثم يُرد الى أرذل العمر أي مرحلة الكبر والمشيب.
وقد قسم العلماء العُمُر الى ثلاث مراحل وهي الطفولة والشباب والمشيب, ولكل مرحلة ميزاتها وخصائصها. وقد قيل فيها أن المراحل الثلاث لها ثلاث معطيات لا يملكها الإنسان سوياً فهو في كل مرحلة يملك أثنتين منها ويفتقر الى الثالثة في إشارة منه أن هذه الدنيا لا مجال فيها للراحة ولا يمكن أن تكمُل عيشة أحد فيها. فالطفولة يملك الإنسان الوقت والصحة (النشاط والحيوية والقوة) فيها ولكنه يفتقر الى المال, ومرحلة الشباب يملك الشخص فيها المال والصحة لكنه لا يملك الوقت فهو يمضي وقته للعمل وتكوين الأسره والتخطيط والترتيب لأنشاء وتكوين مستقبله. والمرحلة الثالثة وهي المشيب يملك الإنسان المال الذي جمعه وأعده طيلة عمره ويملك الوقت فهو غالباً يكون متقاعد بعد رحلة طويلة من العمل, ولكنه يفتقر الى الصحة والنشاط والحيوية.
ولكل مرحلة مميزاتها, ولتناول مرحلة الشباب حيث أن هذه المرحلة المليئة بالنشاط والإنطلاق والحركة والتجارب والرحلات والسفر هي مرحلة رائعة في حياة الإنسان وتبدأ بمرحلة الشباب المبكر والذي يكون بعمر من 14 الى 18 عاماً. وهي مرحلة المراهقة العنفوان والكبرياء والشعور بأن الشخص بدأ يحصل على حريته واستقلاليته في الفكر والدراسة وتكوين العلاقات والأصدقاء واتخاذ بعض القرارات واختيار وانتقاء الحاجيات والملابس وغيرها.
المرحلة الثانية من الشباب هي ما بين عمر 18 الى 24 عام تقريباً وهي مرحلة الاستقلال المادي وهو أهم أنواع الاستقال وبداية تحمل المسؤوليات الكبيرة نوعاً ما وتشارك الآراء مع من هم أكبر سناً واتخاذ بعض القرارات لنفس ومن حوله بشكل مستقل. مرحلة ما بين عمر 24 الى نهاية العقد الرابع أي نهاية الثلاينيات من العمر وهي اجمل وافضل مراحل العمر وأكثرها نشاطاً وانطلاقاً وتحملاً للمسؤولية وفيها يكون الشخص أسرته وتكتمل فيها دراسته وينشأ عمله الخاص في نهايتها ويقرر العديد من أمور حياته المهمة في هذه المرحلة. مرحلة من الأربعين الى نهاية العقد السادس أي نهاية الخمسينيات من العُمر, وهذه مرحلة السكينة والحكمة والخبرة وأكتمال العقل والتجربة حيث قال تعالى (حتى إذا بلُغ أشُده وبلغ أربعين سنة) .
ميزات عُمر الشباب بكل مراحلة: النشاط والحيوية والإعتمادية والقوة والأنتاجية والقدرة على تحمل مختلف الظروف وضغوط العمل والسفر والمغامرة, ووفرة المال والصحة والقدرة على العطاء وتكوين الأسرة وقوة الذاكرة والمقدرة على التعلم والحفظ وغيرها الكثير. فلفظ الشباب يطلق على الحيوية والنشاط وكل شيء جديد وفي بداية انطلاقه.