يعتبر الحبّ من أسمى و أرقى المشاعر الإنسانيّة ، فبالحبّ تزهو الحياة و تحلو ، و بالحبّ تقوى العلاقات بين النّاس ، و بالحبّ يكون الإنسان أكثر قدرةٍ على العطاء و البذل ، و لا يستطيع أيّ فردٍ الاستغناء عن الحبّ في أيّ مرحلةٍ من مراحل حياته ، فالأمّ التي ترعى أطفالها و تسهر على راحتهم الليالي الطّويلة هي أمّ محبةٌ لأطفالها ، قد حملها الحبّ على أن تبذل الجهد و التّعب اتجاه أطفالها ، و الرّجل ربّ الأسرة الذي يخرج من بيته صباحاً ليكدّ في عمله ، و يأمّن لهم قوت يومهم هو أنسانٌ محبٌّ لأسرته ، فالحبّ هو العروة التي تشدّ أزر علاقات النّاس بعضها البعض و تربطها بمعنى أصيلٍ في القلب متجذّر ، و لو سلّمنا أنّ الحبّ قد نزع من القلوب و الصّدور لرأينا علاقات النّاس ببعضهم البعض خاليةً من أيّ عاطفةٍ أو معنى .
و لكي يظهر الإنسان محبّته للشّخص الذي يحبّه عليه أن يصارحه بذلك ، و لنا في رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الأسوة الحسنة في ذلك حيث أرشد المحبّين أنّ يبيّنوا حبّهم لمن يحبّون صراحةً بالقول ، و لا يخفى على أحدٍ التّأثير العجيب لكلمة أحبّك في نفوس النّاس و خاصّةً إذا صدرت من أشخاصٍ صادقين لا يبتغون من وراء هذه الكلمة مصلحةً ماديّةً أو غيرها ، و إنّما تخرج من قلبٍ طاهرٍ نقيٍّ لا يبتغي عرضاً من الدّنيا ، و إنّما ينشد محبةً خالصةً من أيّ شائبة .
و لكي يثبت الإنسان حقيقة محبّته لمن يحب عليه بأن يريه من حاله ما يبيّن ذلك ، فالزّوجة المحبّة لزوجها تحرص على طاعته في المعروف ، كما تحرص على أن تتزيّن له و تتجمّل و تظهر في أحسن صورةٍ و هيئة ، و الزّوج المحبّ يثبت محبّته لزوجته من خلال مراعاة مشاعرها و حسن معاملتها و عشرتها ، و البعد عن كلّ ما يؤذي مشاعرها أو يخدش رقّة روحها ، و كذلك الابن المحبّ لوالديه يثبت محبته لهما حين يبرّهما و يطيعهما في حياتهما ، و إذا غيّب الموت أحدهما لم ينساهما من صلة أرحامهما ، و التّصدق عنهما ، و الاستغفار لهما بقلبٍ محبٍّ وفيّ صادقٍ لا ينسى ما قدّماه له من تعب الأيام و السّنين .
