تنتشر في هذا العالم الكثير من الأمراض التي لم يجد الطّب الحديث حتّى الآن علاجاً شافياً تماماً لها على الرّغم من كل المحاولات الجاهدة. من هذه الأمراض الأمراض المزمنة، التي يصعب أن يشفى منها الإنسان نهائيّاً، وإنّما ينصح باتّخاذ إجراءات احترازيّة حتى لا تتفاقم حدّة المرض، كتناول الأدوية أو البعد عن المسبّبات التي تزيد من شدّة المرض؛ وكمثال على هذه الأمراض مرض السكّري.
مرض السّكري هو مرض مزمن يصيب الكثير من الأشخاص، يعرّف بأنّه اختلال في عملّية (الهدم والبناء) للكربوهيدرات التي تدخل الجسم، والتي تؤدّي لارتفاع نسبة "السّكر" في الدّم.
ويحدث هذا المرض نتيجة حدوث اختلال في قدرة الجسم على تنظيم نسبة السكّر في الدم، وذلك بسبب خللٍ ما في عمل هرمون الإنسولين في الجسم، فإنّ أيّ نقص في إنتاج هذا الهرمون من البنكرياس يسبّب المرض، حيث أنّه يعمل على استيعاب الجلوكوز في الدّم لينتج الطّاقة، وبالتالي فإنّ أي تغيير على عمله يحدث خللاً في الجسم.
فعند تناول الطّعام يحتاج الجّسم للطّاقة ليؤدّي وظائفه الحيويّة، فيقوم هرمون الإنسولين بالسماح للغلوكوز بالانتشار بين الخلايا وداخلها لتمدّها بالطاقة، وإن كان هناك خلل في هذا الهرمون فإنّه لا يوفّر الجلوكوز لجميع خلايا الجسم والدّم خاصّة. وبعد فترة من الزمن فإنّ هذا الأمر قد يؤثّر على باقي أعضاء الجسم الأخرى ويؤدّي لمضاعفات خطيرة جداً، كأمراض القلب، والجلطات، وأمراض الكلى، وإلتهابات اللّثة، وقد يصل إلى الغرغرينا، وهي التي تؤّدي إلى قطع الأعضاء وبترها.
أمّا أعراض هذا المرض التي يجب عدم إهمالها وإجراء الفحوص فوراً عند حدوثها، فهي الزيادة في ادرار البول وتكراره، كما أنّ فقدان الوزن السريع أحد أعراضه مع زيادة في الشهيّة، والغثيان والتقيّؤ الكثير، والإحساس بالتّعب والخمول الدائم، وملاحظة بطء شفاء الجروح، كما يعاني المريض من تشوّش في الرؤية. ويتّم التأكد من الإصابة بالمرض من خلال فحص نسبة الغلوكوز في الدّم.
لمرض السّكّري ثلاثة أنواع؛ وهي: أولاً: السّكّري من الّنمط الأوّل، وهذا النوع من السكّري قد يصيب الإنسان في اى مرحلة من حياته، ولكن يرّجح ظهوره في الفترة الأولى من حياته سواء في عمر الطفولة أو المراهقة. وثانياً: وهو السّكّري من النمط الثاني، وهذا النوع عادةً الأكثر شيوعاً، ويصاب به كبار السّن، ويمكن الوقاية منه، وقد يحدث في الغالب لما هى اسباب وراثيّة، وهو أقل خطراً من النوع الأوّل. وثالثاً: سكّر الحمل، وهو يصيب النساء الحوامل في فترة الحمل فقط ويختفي بعد الولادة، ولكن على الأمّ الحامل الحرص على وزن صحيّ وسليم، والابتعاد عن الأطعمة ذات السعرات الحراريّة العاليّة.
هناك طرق ووسائل عديدة للوقاية من هذا المرض، فتناول الأكل الصحيّ والغنيّ بالعناصر الغذائيّة المفيدة للجسم، يفيد من التقليل من أعراض المرض. كما أنّ الالتزام بالتمارين الرياضيّة والحفاظ على وزن مثالي وصحيّ، والتخلّص من أيّ وزن زائد يساعد في الحماية من هذا المرض.
أمّا علاج و دواء هذا المرض فيعتمد بشكل أساس على الوقاية، خاصّة في النوع الثاني والثالث. ومع ذلك فإنّ تفاقم حدّة المرض يستدعي عمل فحوصات دائمة لنسبة السّكّر في الدّم، وحقن الإنسولين التي تنظمه، أو عن طريق أدوية أيضاً. وقد يحتاج بعض المرضى إلى عملية زرع لبنكرياس جديد.